Sunday, October 25, 2015

الدوران في دوامة العنف


كلما بدأنا الحديث عن فلسطين إستكملناه بالحديث عن إسرائيل وكأنهما وجهان لعملة واحدة ,  إنه ذلك التلازم القدري الساخر بين الجاني والضحية , بين اليهود والعرب , بين الإسرائيليين والفلسطينيين , من يؤمنون بالعدل يأملون أن تتغير قواعد اللعبة السياسية في ملتقى القارات (فلسطين , إسرائيل) , لتحقيق التوازن بين الجاني والضحية ليكون هناك عدل في القضية . 

مساحة من الأرض يسكنها مسلمون ويهود ومسيحيون , أمن العالم مرتبط بها ومهدد بأسره فهل المشكلة في الأرض أم في سكانها أم في من يغذي العنف فيها سواء كانت جهات داخلية أم خارجية أم هي حكمة إلهية لبداية نهاية الحياة على الكرة الأرضية بعدما يعم الظلم ويظهر الدجال ويبعث المسيح. 

جميع الكتب السماوية تحدثت عن هذه المنطقة وأحداثها ومازالت الأحداث تتسارع وتتغير والعنف فيها يزداد وينمو ويطرد وتتغير السيطرة على المساحات الأرضية بين الجاني والضحية , أخيراً قررت إسرائيل أن تنسحب من قطاع غزة تحت مسمى خطة فك الإرتباط وإعادة إنتشار لقواتها الأمر الذي أدى الى فتح الحدود بطريقة عشوائية بين شطري مدينة رفح والتي تقع على الحدود الفلسطينية المصرية , وتتميز بأراضيها الرملية حيث تحيط بها الكثبان الرملية من كل جهة , وعرفت قديما بأنها الحد الفاصل بين مصر وسوريا على البحر المتوسط.

مرت رفح بأحداث تاريخية هامة منذ العصور القديمة وذلك لتميز موقعها , وفي عام 1906م ,  حدث خلاف بين العثمانيين والبريطانيين حول ترسيم الحدود بين مصر والشام , وفي عام 1917م ,  خضعت رفح للحكم البريطاني الذي فرض الانتداب على فلسطين . وفي عام 1948م ,  دخل الجيش المصري رفح وبقيت تحت الإدارة المصرية إلى أن احتلها اليهود في عام 1956م ,  ثم عادت للإدارة المصرية عام 1957م ,  حتى عام 1967م ,  حيث إحتلها اليهود. وبعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد إستعادت مصر سيناء ووضعت أسلاك شائكة لتفصل رفح سيناء عن رفح فلسطين .

وتقدر مساحة ما ضم إلى الجانب المصري حوالي 4000 دونم وبقى من مساحة أراضيها 55000 دونم أُقتطع منها حوالي 3500دونم للمستوطنات , يعود معظم سكان رفح في أصولهم إلى مدينة خانيونس وإلى بدو صحراء النقب وصحراء سيناء ثم أضيف إليهم اللاجئون الفلسطينيون الذين قدموا لرفح بعد النكبة في عام 1948م ,  وترجع أصولهم إلى مختلف قرى ومدن فلسطين المحتلة خاصة التي كانت تابعة لقضاء غزة .

تعرضت مدينة رفح الى مجزرة وعدوان سافر كانت حجة إسرائيل فيها هي تدمير الأنفاق المقامة بين شطري المدينة لمنع تهريب السلاح من مصر الى غزة , وفي ذكرى المجزرة لابد أن نتذكر قول بيتر هانسن مدير وكالة الأونروا إن الأمر مؤثر جدًا "كما في كل مرة نشاهد فيها مثل هذا العدد من المدنيين يفقدون منازلهم ويحرمون من كل شيء". وبين الحين والآخر يلوح في الأفق بصيص أمل عندما تتعالى الأصوات المطالبة بحماية دولية للفلسطينيين أو قيام محاولات لمنظمات دولية جادة للوقوف إلى جانب منكوبي مدينة رفح .

بعد الإنسحاب الإسرائيلي إنطلقت ثلاث حجج لتقرير مصير شطري رفح ومعبر صلاح الدين على الحدود :
الحجة الأولى إسرائيلية : تقول أن هناك أنفاق بين شطري رفح مقامة لتهريب السلاح الى قطاع غزة .
الحجة الثانية مصرية فلسطينية : تقول لابد من السيطرة على المعبر لحفظ الأمن ولمنع تهريب المخدرات ولتنظيم الإنتقال الشرعي للسكان والبضائع .
الحجة الثالثة للمواطنين الفلسطينيين والمصريين : تقول إن أبناء المنطقة بحاجة الى زيارة أقاربهم والتسوق والشعور بحرية زوال الإحتلال .

وبين هذه الحجج الثلاث ومؤيدي كل حجة تبقى رفح أسيرة غير موحدة ويبقى سكانها وسكان قطاع غزة في معاناة حقيقية لم يفارقهم من زمن السلطة العثمانية والإنتداب البريطاني والإحتلال الإسرائيلي والحروب المتعاقبة على المنطقة .

تتعاون السلطة الفلسطينية والمصرية على فرض الأمن وتهدئة أبناء المدينة الواحدة بعد الإنسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في الوقت الذي ماتزال إسرائيل تغلق معبر رفح الحدودي المسمى معبر صلاح الدين لتحول قطاع غزة الى سجن كبير , وإذا طال أمد هذا الإجراء فستنتعش الحركة عبر الأنفاق بين شطري المدينة لتلبي حاجات المواطنين ليتنسموا عبير الحرية بعد خروج قوات الإحتلال وهو شيء طبيعي أن يتم خصوصاً في الفترة الأولى للجلاء للتعويض عن الكبت والقهر الذي عاناه أبناء قسمي رفح لمدة ثمانية وثلاثون عاماً .

أنباء تتحدث عن إقتراح "يقضي بسفر الافراد الفلسطينيين الذين يحملون بطاقات هوية (ارقام وطنية) ذهابا وايابا عبر المعبر لكن غير الحاصلين على بطاقات هوية (مثل اللاجئين والنازحين) يمكن دخولهم بعد التوصل الى اتفاق".

إن الخلافات مع (اسرائيل) "لا زالت حول فئة غير الحاصلين على بطاقات هوية وامكانية دخولهم قطاع غزة بتصريح زيارة فلسطيني أو اسرائيلي" . ويفصل بين قطاع غزة ومصر شريط حدودي يبلغ 220 كلم من رفح شمالا وحتى إيلات على خليج العقبة جنوبا يطلق عليه الجيش الإسرائيلي اسم "ممر فيلادلفيا". ويتراوح عرضه بين 80-180م في أجزائه المختلفة، منها 14 كلم قبالة مدينة رفح ومخيماتها، والجزء الأكثر سخونة منه في المواجهات بين المقاومين الفلسطينيين وجنود الاحتلال يقع ما بين مصر ورفح بطول 9 كلم.

ويدخل ممرّ فيلادلفيا إذنْ كعنصر أساسي في الإستراتيجيّة الأمنيّة الإسرائيليّة الكبرى، والتي ترتكز على الأهداف التالية:
الأمن الغذائي والمائي .
الحماية الأمنية لشعب إسرائيل .
إحتكار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة .
التفوق العسكري بتفكيك دول الطوق .

وتساهم إسرائيل في تشكيل الأحداث إيجاباً وسلباً فهي إقترحت منح الفلسطينيين أرضا مصرية على الحدود لاقامة الدولة الفلسطينية وإستيعاب قسم من اللاجئين الفلسطينيين في تلك الاراضي!ومعالجة مشكلة الاكتظاظ السكاني هناك ولايخفى على المتابع للأحداث مافرضه الإحتلال من حدود مصطنعة لفصل أبناء العائلة الواحدة للعيش منفصلين عن بعضهم البعض فكان من الطبيعي بعد الإنسحاب أن يحدث التدافع بين آلاف السكان والتدفق نحو طرفي الحدود لتعزيز التلاحم بين  الأسرة الواحدة التي تم فصلها قسراً بفعل الإحتلال .

بعد الإنسحاب تعالت أصوات , إعادة ترسيم الحدود بين قطاع غزة ومصر بهدف جمع شمل العائلات المنقسمة ما بين شطري رفح المصرية والفلسطينية ، وإلغاء الآثار المدمرة التي خلفها الانتداب البريطاني في المنطقة ، وذلك باعادة توحيد رفح ورسم الحدود عند العريش , هذه الأصوات جميل ظاهرها إن تمت بإتفاق وخبيث باطنها إذا أسفرت عن نزاع إقليمي من أجل مزيد من الدوران في دوامة العنف .


صحيفة إيلاف اللإلكترونية 23-09-2005م 

البطالة وأثرها على التنمية


تعتبر البطالة من أهم معوقات التنمية الإقتصادية الحقيقية لدول مجلس التعاون ولاسيما ان هذه الدول تواجه أكبر تحد عرفته منذ عقود ، ومن هنا جاء الإهتمام بمشكلة البطالة حتى لاتتراجع مسيرة التنمية الحقيقية . 
وأزمة التنمية في دول المجلس تتلخص في حدوث نمو في الناتج القومي الاجمالي دون أن يصحب ذلك تطور متوازن في القاعدة الانتاجية ، بحيث يصبح النمو في هذه القاعدة ذا طبيعة متجددة ذاتيا ، ومن أهم أسباب حدوث إستمرارية هذه الأزمة : مفهوم التنمية التقليدي و النموذج المرتبط به ، ومسار المتغير النفطي و العلاقة غير المتكافئة مع القوى الإقتصادية الكبرى ، و ضعف خصائص القاعدة البشرية في دول مجلس التعاون التي تخشى أي تغيير في البنية الديموغرافية وهناك أدوار متداخلة تجعل الحل مستعصياً .
و نقوم في هذا المقال بتوضيح بعض جوانب هذه الأزمة و مصادرها وإبرازاطار نظري لتجاوزهذه الأزمة يقوم على مفهوم شمولي للتنمية على أنها تشير الى مشروع حضاري خليجي يحقق نموا اقتصاديا متجددا في كل دول المجلس مما يؤدي الى تزايد فرص التكامل الخليجي العربي بما يضمن الوصول الى التعديل التدريجي في مكانة المجلس داخل النظام الإقتصادي العالمي الجديد .
ويستهدف هذا الوفاء بالحاجات الأساسية للمواطنين والمقيمين العرب ماديا و معنويا ، بما يقود الى تحسن مستمر في نوعية الرفاهية لهؤلاء المواطنين والمقيمين ، و تحقيق العدالة الاجتماعية في اطار من الديموقراطية و المشاركة الشعبية الواسعة و التكامل الإقتصادي والسياسي الحقيقي بين دول المجلس بل والأقطار العربية و كيف أن الفهم الخاطىء والتركيز على جوانب دون أخرى يؤدي الى حدوث انقسامات فكرية و سياسية و اقتصادية .
وأهم مشكلة نجمت عن هذه الازمة هي البطالة حيث نبين أسبابها وأنواعها و أسباب عجز الدول عن امتصاصها وأهم الآراء المقترحة  للمساهمة في حل هذه المشكلة .
ورغم أن حجم البطالة في دول مجلس التعاون يتفاوت من بلد الى آخر إلا أنها مازالت تعتبر مشكلة تؤرق مضاجع المسئولين ولاسيما أن المعاملة الإنسانية بين أفراد المجتمع تختلف من شخص عامل وشخص عاطل عن العمل وتعتبر نسبة العاطلين في أي مجتمع مقياس هام لمستوى الرفاهية التي يعيشها هذا المجتمع .
ومن أسباب البطالة  ثقافة العيب وأزمات الخليج المتعاقبة والعمالة الوافدة وضعف الإستثمار وندرة رأس المال والركود الإقتصادي وضعف المبادرة الفردية وسوء التخطيط  التعليمي وإزدياد النمو السكاني وعدم تنظيم سوق العمل والتباطؤالتنموي في النشاط الإقتصادي وإتجاه كبار المستثمرين الى سوق الأسهم والسندات والقيود المفروضة على الإستثمارات الأجنبية وهروب رأس المال الوطني الى الخارج وهناك أسباب أخرى عديدة . 
ويقصد بالبطالة من وجهة نظر علماء الإقتصاد هي عدم إستيعاب أو إستخدام الطاقات أو الخدمات البشرية المعروضة في سوق العمل الذي يعتمد على العرض والطلب والذي يتأثر بقرارات أصحاب العمل والعمال والأنظمة التي تفرضها الدول من أجل التقيد بها ، و في سوق العمل تتلاقى هذه القرارات مع قرارات هؤلاء الذين هم في حاجة الى خدمات الأفراد .
فالبطالة بهذا المفهوم تعني عدم استخدام القوى البشرية التي تعتمد في حياتها المعيشية اعتمادا كليا على الأجر أي على تقييم الغير لها بالرغم من حريتها القانونية .
ويمكن تقسيم البطالة الى مجموعتين
المجموعة الأولى
بطالة ترجع الى عدم القدرة على العمل نتيجة عجز جسماني أو عقلي مثلا , وبطالة ترجع الى عدم الرغبة في العمل نتيجة لأسباب نفسية أوإجتماعية .
المجموعة الثانية
بطالة بالرغم من وجود مجالات عمل و لكن ترجع الى ضعف أو سوء تنظيم سوق العمل .
وبطالة ترجع الى عدم وجود مجالات عمل أي عدم قدرة رجال الأعمال على إيجاد فرص للعمل وقد يكون ذلك لأسباب عديدة تتصل بأوضاع اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو غيرها .
ولهذا تعتبر البطالة سمة من سمات نظام السوق و مرتبطة بهيكله و يتوقف حجمها على مدى فاعلية رجال الأعمال والدول ممثلة في سياساتها في القضاء على البطالة والتقليل من آثارها في الوقت المناسب . و لذلك فان معظم الاقتصاديون في هذه الأنظمة يقرون أن البطالة هي الثمن الذي تدفعه هذه المجتمعات لإهتمام النظم في الإبقاء على حرية سوق العمل فهي تعتبر ثمن الحرية والتخلص من الرق والاستعباد والإقطاع .
وحرية الإقتصاد بشكل عام برفع القيود على المستوردات وبالتالي يظهر الإعتماد الكبير على التجارة الخارجية فكل أو معظم السلع الإستهلاكية أو الإستثمارية أو الصناعية تستورد من الخارج هذا بالإضافة الى إستقدام العمالة المدربة وغير المدربة من الخارج الأمر الذي يؤدي الى تحويلات مالية كبيرة الى الخارج .
وتمثل الصادرات البترولية ومشتقاتها نسبة كبيرة من إجمالي الصادرات وهي تمثل الميزة النسبية في الإنتاج التي تمتاز بها دول المنطقة , ولذا فهي تعتبر المصدر الأول لإجمالي الدخل القومي في هذه الدول .
ولهذا فإن أي تقلبات سريعة أو عنيفة في أسعار هذه المنتجات أو المواد الخام تؤثر بشكل سريع أيضاً على حصيلة الصادرات التي تؤدي بدورها الى نتائج ضارة على الإقتصاد القومي لهذه الدول ، فهي تعكس نفسها في صورة تقلبات في مستوي الإنفاق الحكومي وتقلبات في مستويات التشغيل ،كما تؤدي التقلبات في حصيلة الصادرات، إلى تذبذب وإضطراب في تنفيذ خطط التنمية ، وتوقف كثير من المشروعات، التي تعتمد في تنفيذها، على الواردات من السلع الاستثمارية .
ولهذا نجد عدم إستقرار الدخل القومي الأمر الذي ينعكس على المواطنين والمقيمين وهو من أهم أسباب عجز القطاع الإقتصادي عن إمتصاص البطالة ولاسيما أن الصناعات البترولية المنتجة للتصدير لمقابلة احتياجات السوق العالمي من حيث نوع السلع المنتجة و كميتها يفرض بالضرورة استخدام التكنولوجيا الحديثة التي تتصف بكثافة عالية لرأس المال وكثافة منخفضة لعنصر العمل .
ولهذا عملت هذه الدول على إنشاء صناعات مختلفة لتنويع قاعدة مصادر الدخل للمحافظة قدر الإمكان على إستقرار الدخل القومي ولكن هذه الصناعات مازالت تعتمد على العمالة غير الوطنية بشكل كبير نظراً لعدم قدرة العمالة الوطنية على المنافسة سواء من ناحية الأجر أو الكفاءة لذا فهي بحاجة الى تدريب لتنافس العمالة الأجنبية . 
وفي السلع الإستهلاكية نجد أن فرص تشجيع الصناعات المحلية تكاد تكون معدومة ولاتستطيع أن تحل محل السلع المستوردة والتي تعتمد على كثافة رأس المال وبعضها الآخر يعتمد على كثافة في العمالة الرخيصة القادمة من الشرق التي لايمكن منافستها بأي حال من الأحوال إلا بفرض ضريبة إستيراد . كما يجب أن نعترف بإنخفاض المستوى الفني والتعليمي للعمالة الوطنية هذا إن وجدت .
ولهذا ينبغي التفكير في الميزة النسبية لقدرات مواطني الخليج وفي أي نوع من الأعمال يمكن أن تتخصص بها الدول الخليجية معتمدة على عمالتها الوطنية في إنتاج سلع أو خدمات تساهم في التنمية الإقتصادية وبما يكفل القضاء على مشكلة البطالة ومنها زيادة حجم الاستثمارات و رفع معدلاتها مع الاهتمام بامكانيات رفع نسب العمالة الوطنية , وذلك بتعديل أساليب الانتاج و تغيير مكونات الناتج بما يتناسب مع الأسعار النسبية لكل من رأس المال و العمل . . أو بمعنى آخر مراعاة التكلفة الاجتماعية الخاصة باكتشاف وسائل انتاج مناسبة لظروف المجتمع الخليجي .
كما ينبغي وضع برامج محددة  وواضحة على المستوى المحلي والقومي لتشغيل العاطلين و زيادة الانتاج و تكوين رأس المال بتوجيه العاطلين الى العمل في مجالات انتاج سلع ذات إستخدام وطني عال وكذلك أعمال خدمات ممثلة في البنوك والمصارف وشركات التمويل والإستثمار والبورصة .
زيادة انتاجية الموارد التي تتصف بندرة نسبية في المجتمع حتى يتسنى زيادة المعروض من السلع المنتجة سواء سلع استهلاكية أو انتاجية لتدعيم عمليات تشغيل العاطلين . و لذلك يجب أن تهتم الحكومات و رجال الأعمال بوسائل تدريب العمالة والمديرين و المشرفين و اشعارهم بأهمية وسائل الكفاية و رفع الانتاجية .
إتخاذ الاجراءات المناسبة لتسهيل حركة انتقال الأيدي العاملة من مهنة الى أخرى ، وإزالة ما يعترض هذه الحركة من صعوبات تتعلق باعتبارات اجتماعية أو نفسية معينة أو إدارية ، و تحقيق نمو متوازن في نسب العمالة الوطنية في جميع المناطق باتباع سياسة مناسبة لتوطين الصناعة وفق ظروف كل منطقة .
إتخاذ الاجراءات والوسائل لزيادة عائد الصادرات و تجنب التقلبات العنيفة في هذا العائد و تشجيع الاستعانة برأس المال الأجنبي ووضع التسهيلات المناسبة له حتى لا تتعرض سياسات العمالة الى صعوبات تؤدي الى فشلها نتيجة اختلال في ميزان المدفوعات في الدولة .
وأخيرا فان مستوى حجم الاستثمارات و بالتالي مدى سرعة التغلب على البطالة أو مدى امتصاص العاطلين يتوقف على مدى كفاية رأس المال اللازم لحجم الاستثمارات المطلوبة و اتخاذ الوسائل الكفيلة بتقييد الاستهلاك واعادة توزيعه بحيث تتجه كل زيادة ممكنة من الناتج القومي الى الاستثمار ، و في مقدمة هذه الوسائل اتباع سياسة مالية فعالة و سياسة هادفة للأجور وسياسة إدارية حازمة .  


مصطفى الغريب – مينسوتا 

الأمن القومي العربي

إن بقاء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بدون حل سيؤثر حتما على قضية الامن القومي لكل دولة يوجد بها هؤلاء اللاجئون وسنعطي لبنان مثلا واقعيا على ذلك فهناك  عدد من المخيمات الفلسطينية والتي تخشى لبنان من توطينهم بأراضيها وعندها يحصل الخلل في التوازن السكاني ولكن الكثير من المفكرين يعرفون أيضا سواء تم التوطين أو لم يتم فان الخلل في التوازن السكاني قائم ولايمكن تجاهله ولاسيما أن المشكلة معقدة جدا لدرجة أن الدول العربية مجتمعة لن تستطيع لابالسلام ولا بالحرب من حل هذه القضية في وقت قريب وجميع المحاولات ماهي إلا لذر الرماد في العيون وستبقى خطيئة قابيل وهابيل قائمة الى أن يرث الله الارض وماعليها فهذا هو تجسيد لظلم الانسان لأخيه الانسان في كل مكان وسيبقى هناك ولايزال سادة وعبيد وفئة حاكمة وفئة محكومة ولكن الغريب في الامر أن العناد العربي المبني على نظريات وقرارات عفا عليها الزمان لايزال يمثل نظرة غير واقعية يخيل لمن يؤمن بها أنها هي النظرة السليمة لحل الصراع العربي الاسرائيلي الذي تحول الى صراع فلسطيني إسرائيلي لاشأن للعرب حياله  ولاحول لهم ولاقوة وأصبحت نظريات الامن العربي المشترك والتضامن العربي والاسلامي ماهي إلا نظريات في الكتب والوثائق المحفوظة في المكتبات العامة ولمن يرغب في دراسة التاريخ يمكنه الرجوع إليها . وبمناسبة ذكر التاريخ لازلنا نذكر أن جنوب لبنان وشمال فلسطين كان تحت ولاية واحدة في ظل الحكم العثماني أي أن المياه والمراعي والترابط السكاني والعلاقات الاسرية والعادات الاجتماعية والتقاليد والمذاهب الدينية كانت مشتركة وسيظل الوجود الفلسطيني في لبنان يمثل وحدة لايمكن فصلها عن بعضها البعض مهما حاولت الطوائف التمييز بينها في التعامل الانساني والحضاري , ولو إندمجت هذه الاصول مع بعضها البعض ستمثل قوة في وجه عدو مشترك ولكن النظرة القاصرة ستولد بعد فترة من الزمن نوعين من الاعداء عدو داخل الحدود وعدو خارج الحدود وكما ساهمت إسرائيل في دعم حزب الكتائب أثناء الحرب الاهلية وقبول الكتائب بهذا الدعم ستقوم إسرائيل بمحاولة دعم عدو الداخل المقهور في المخيمات ليرفع السلاح في وجه أخيه الذي إستعبده لفترة من الزمن ظانا أنه يستضيفه على أراضية وهناك شواهد كثيرة في التاريخ كيف ينقلب الصديق الى عدو وتصبح العبيد أسيادا والاسياد عبيد ولاسيما أن القهر الاجتماعي قد يعطي البعض الحق لأن يتحالف مع الشيطان في سبيل نيل حريته كإنسان وإذا كان هذا المثل ينطبق على لبنان فسينطبق أيضا على الوجود الفلسطيني في كل مكان إذا لم يساهم الجميع بحل قضيتهم وتذويبهم في المجتمع العربي ليبقى الصراع عربي إسرائيلي وليس فلسطيني إسرائيلي فالدول العربية تساهم في الموت البطيء لهذا الشعب على يد اليهود المتعصبين وسيكون مصير الفلسطينيين كمصير الهنود الحمر في أمريكا . وإذا أرادت جامعة الدول العربية مساعدة الفلسطينيين حقا فأول مساعدة تقوم بها هي إلغاء القرار رقم 1547 لعام 1959 ، الذي طالب بالحفاظ على الهوية الفلسطينية وهو قرار يزيد الطين بلة ففلسطينيوا الداخل هم الفلسطينيون الحقيقيون حيث لازال إرتباطهم بالارض والمقاومة أما فلسطينيوا الخارج مع تجربة إسرائيل المرة من إتفاقيات أوسلوا وعودة المسلحين الى فلسطين لن تسمح بعودة أي فلسطيني بل على العكس تماما وبناء الجدار الفاصل سيدعم خطة الترانسفير الى الخارج ولو بإفتعال حرب جديدة ضدهم ولاسيما أن الامور إذدادت تعقيدا ، فلقد تغير العالم بعد 11سبتمبر 2001م فكل دعم مادي للفلسطينيين أو بالسلاح هو دعم للإرهاب ودول الجامعة العربية في وضع لاتحسد عليه فلاهي تستطيع المساعدة بالمال ولابالسلاح لان من يقدم على عمل مثل هذا هو بمثابة المنتحر ولاسيما أن هناك أصوات تعالت من داخل الجامعة بعدم التعجل برفض مبادرة الشرق الاوسط الكبير الامريكية .
مصطفى الغريب – الرياض  

16/03/2004

الإعلام العربي وتزوير الحقائق


في مقال سابق تحت عنوان علامات إستفهام وعلامات تعجب , تحدثنا عن وجه المقارنة بين اللاجيء العراقي في الأردن ونظيره الفلسطيني وكانت ردود الأفعال على هذا المقال واسعة مما إضطرني أن أكتب وأفسر بعض ماجاء في ذلك المقال , فيبدوا أن الكثير لم يستوعب نوعية المشاكل التي تواجه اللاجيء الفلسطيني في الدول العربية ولم تستوعب الشعوب الدروس من إتفاقيات السلام وكأن سياسة القطيع هي السائدة والمؤثرة , فيكفي أن تقود نفر قليل حتى يتبعهم الرعاع وهذا مؤسف حقاً.

وتحدثنا أيضاً عن إنصهار الشعبين الفلسطيني والأردني ولكن وضحنا بعض الفروقات التي لاتظهر إلا في المعاملات الرسمية عندما يطلب منك إستكمال إجراءات مبنية على صورة هوية أورقمها أو مكان الميلاد وأصبح مكان الميلاد هو مصدر الحكم على توجه هذا الشخص أو ذاك وليس هذا في الدول العربية فقط وإنما في الغربية منها وهنا نطالب بحذف خانة مكان الميلاد من بطاقات الهوية كما تم شطب الديانة من بعض جوازات السفر العالمية خوفاً من الطائفية البغيضة التي أدت الى حروب أهلية في العديد من دول العالم .

وتحدثنا أيضاً عن الأصيل والدخيل والكثير من القراء لم يستوعب معنى ذلك بالتحديد أما ماذا قصدنا بهوية برقم وطني وهوية بدون رقم وطني ؟ ولانريد أن نطيل في شرح معنى هذا الكلام وبإختصار شديد إذا كنت تحمل هوية برقم وطني فأنت مواطن أما غير ذلك فإنت غير مواطن , وكثير من الدول تعتبر الإثنين مواطنين ولكن هذا مواطن بالجنسية وهذا مواطن بالتجنس ولانعلم لماذا هذه التفرقة ومافائدتها وكأننا نحذوا حذوا اليهود حين يقال هذا أشكيناز وهذا سفارديم .

وتحدثنا عن القيود المفروضة على الفلسطينيين بإمتلاك منزل والبقاء في المخيمات وحاولت أن أجد تفسيراً منطقيا لمايدور بهذا الشأن فلم أجد غير أن من يحكمنا من بني جلدتنا يصدر تعليمات وسياسات أقل مايقال عنها أنها لا تصب في مصلحة هذه الأمة . 

والحمد لله أن حقوق الإنسان تفرض علينا من الغرب لأننا في الواقع شعوب متطرفة تتمتع بجاهلية ونعرات طائفية قضى عليها الإسلام منذ قرون ثم عادت وإنتشرت وكأننا في عصر ماقبل الإسلام .

وقد يقول قائل إن تلك الإجراءات تخدم حق العودة والهوية الفلسطينية وكأن من يقول هذا الكلام لم يسمع كلام الرئيس بوش الإبن عندما أعلن وقال " ان حق العودة للاجئين الفلسطينيين لم يعد ممكنا , وان حدود العام 1967 م ليست مقدسة " وهذا التصريح كفيل بأن ينسف كل الجهود المبذولة منذ إنشاء الجامعة العربية وينسف جميع قرارات مؤتمرات القمة العربية الى يومنا هذا .

هناك دول عربية يقال عنها إنها أمريكية الهوى إستقبلت هذا التصريح بخيبة أمل كبيرة وكانت ردود فعلها مزيداً من القيود على الفلسطينيين , إذاً رد الفعل كان سلبي ولايخدم مصلحة هذه الأمة وهذا الشعب الذي شرد من أرضه الى دول الجوار ومنها دولة شقيقة تستضيف أكبرعدد لاجئيين في العالم قياسا بعدد السكان ويمثلون حوالي 50% من تعداد سكان هذه الدولة .

ان عدم عودة اللاجئين الفلسطينيين في تلك الدولة الى ديارهم التي هجروا منها منذ الاعوام 1948 الى العام 2004 وهي هجرة مستمرة لم تتوقف على مدار أكثر من نصف قرن ، منها ما هو اجباري، ومنها ما هو اختياري، مما إضطر هذه الدولة الى منح بعض الفلسطينيين جوازات سفر مؤقته ودائمة والبعض لم يمنح أي وثيقة أو جواز سفر , وكان لكل نوعية من هذه الجوازات يخدم توجه معين لدى تلك الدولة ولم يكن الهدف للتخفيف من معاناتهم ولتسهيل أمور حياتهم وتنقلهم الى دول العالم فقط دون مقابل ولكن المقابل يخدم سياسات أخرى منها السيطرة على الضفة الغربية وتوسعة رقعة هذه الدولة جغرافياً ولايعني عدم تحقق هذه الأهداف انها لم تكن سياسة مرسومة ولكن كان مصيرها الفشل , وهناك أسباب تخدم أهداف آخرى مثل المعونات التي كانت تطلبها تلك الدولة من الدول المانحة .

ومن الأسباب أيضاً أن بعض دول الخليج العربي، كانت تشترط عليهم عند إستقدامهم للعمل أن تكون جوازات سفرهم متماثلة لضمان عودتهم الى ديارهم وعدم بقائهم هناك، وعلية فان هذا الجواز قد منح لأبناء الضفة الغربية وبعض اهالي قطاع غزة، وهذا الاجراء سهل عليهم البقاء في أغلب الاحيان وعدم العودة فأين حق العودة التي تطالب بها بعض الدول وتدعي أنها تسعى جاهدة لتحقيق ذلك الهدف . 

والغريب في الأمر أن كل الدول تدعي أنها تسعى للتقليل من معاناة الفلسطينيين ولكن الحقيقة عكس ذلك تماماً فكل الاجراءات المتخذة هي في الواقع لزيادة معاناة هذه الأمة وهذا الشعب وخصوصا موضوع جوازات السفر التي تتخذه هذه الدول ممثلة في جامعته العربية ذريعة للحفاظ على الهوية الفلسطينية ولترسيخ مبدأ أن العرب ليست أمة واحدة وإنما شعوب وقبائل مختلفة وقد يعود بنا الحال الى النظام القبلي المبني على الغزو والتعدي على الحقوق والسلب والنهب أو الحروب الأهلية وإن كانت بطريقة عصرية كغزو الكويت والحرب الإيرانية العراقية وحرب اليمن وحرب المخيمات سواء في الأردن أو لبنان أو مايحصل الآن في العراق بين مختلف الطوائف .

وهناك أكاذيب كانت تمرر على الشعوب غير الواعية في زمن الإعلام العربي غير الصادق بعيد الهزيمة النكراء لعام 1967 م , ومن هذه الأكاذيب عندما كانت اسرائيل تفرج عن معتقل فلسطيني يحمل جواز أردني وتقوم بترحيله الى الاردن بصفته مواطن أردني ، كان الاعلام العربي الرسمي يدعي بأنه قد حرر أسيرا أردنيا ، مما خلط اوراق اللعبة وزور الحقيقة .

وهناك حقائق كثيرة مزورة لايتسع المجال في مقال لتوضيحها وهي إن الحديث عن عودة اللاجئين الى أراضيهم ماهي إلا لذر الرماد في العيون ومليء البطون وشغل الذهون , والحقيقة المرة التي يعترف بها أعداء الأمة وينظرون إليها بإعتبارها أمة واحدة ولكن لايريد أن يعترف بها أحد منا وهي إن هذه الأمة واحدة بمنطق التاريخ والجغرافيا واللغة والدين والمصير المشترك , ومرجعيتها واحدة هي الشريعة، ووطنها واحد هو دار الإسلام ، ونختم بقوله سبحانه وتعالى " إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون " الآية الأنبياء 92  . 

صحيفة الحقائق اللندنية 20-04-2006م


تعليقاً على الشيحي الأوطان للجميع دون تمييز فئة على أخرى


تعليقاً على مقال الكاتب صالح الشيحي في صحيفة "الوطن" العدد (1804) ليوم الأربعاء 3 شعبان 1426هـ الموافق 7 سبتمبر 2005م. لقد أعجبني مقال مهابط الأكاديميين حيث إن الكاتب عدل في قوله إننا متساوون في الواجبات، وهنا أريد أن أسأل أليس بيننا فئة تتساوى في الواجبات مع المواطن هذه الفئة ولدت وترعرعت ونشأت وتعلمت ثقافتنا بكل ما فيها من محاسن ومساوئ؟.
إنني أعلم أن الإسلام رسالة عالمية وليست محلية، وأعتقد أن العدل هو أهم الأسباب لدخول الناس في دين الله أفواجا, ففي ذلك الحدث التاريخي البارز وهو فتح مكة وانتصار الخط الرسالي بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخط التكبري الجاهلي القرشي في ذلك الزمان، تحوَّل العبد الذي كان يباع ويشترى في عهد زعماء قريش إلى أحد الصحابة المقربين, ذلك التحول السياسي والعسكري في موازين القوى وما لهذا التحول من انعكاسات ثقافية جلية تمثلت في "الدخول في دين الله أفواجا" أي إن هناك تحولا ثقافيا كبيرا نجم عن تبدّلات سياسية وميدانية في موازين القوى بعد ذلك العام ‏لم يحج إلى البيت مشرك ولا طاف بالبيت عريان.


مصطفى الغريب



صحيفة الوطن السعودية - الاثنين 8 شعبان 1426هـ الموافق 12 سبتمبر 2005م العدد (1809) السنة الخامسة