إن بقاء مشكلة اللاجئين
الفلسطينيين بدون حل سيؤثر حتما على قضية الامن القومي لكل دولة يوجد بها هؤلاء
اللاجئون وسنعطي لبنان مثلا واقعيا على ذلك فهناك عدد من المخيمات الفلسطينية والتي تخشى لبنان من
توطينهم بأراضيها وعندها يحصل الخلل في التوازن السكاني ولكن الكثير من المفكرين يعرفون
أيضا سواء تم التوطين أو لم يتم فان الخلل في التوازن السكاني قائم ولايمكن تجاهله
ولاسيما أن المشكلة معقدة جدا لدرجة أن الدول العربية مجتمعة لن تستطيع لابالسلام
ولا بالحرب من حل هذه القضية في وقت قريب وجميع المحاولات ماهي إلا لذر الرماد في
العيون وستبقى خطيئة قابيل وهابيل قائمة الى أن يرث الله الارض وماعليها فهذا هو
تجسيد لظلم الانسان لأخيه الانسان في كل مكان وسيبقى هناك ولايزال سادة وعبيد وفئة
حاكمة وفئة محكومة ولكن الغريب في الامر أن العناد العربي المبني على نظريات
وقرارات عفا عليها الزمان لايزال يمثل نظرة غير واقعية يخيل لمن يؤمن بها أنها هي
النظرة السليمة لحل الصراع العربي الاسرائيلي الذي تحول الى صراع فلسطيني إسرائيلي
لاشأن للعرب حياله ولاحول لهم ولاقوة
وأصبحت نظريات الامن العربي المشترك والتضامن العربي والاسلامي ماهي إلا نظريات في
الكتب والوثائق المحفوظة في المكتبات العامة ولمن يرغب في دراسة التاريخ يمكنه
الرجوع إليها . وبمناسبة ذكر التاريخ لازلنا نذكر أن جنوب لبنان وشمال فلسطين كان
تحت ولاية واحدة في ظل الحكم العثماني أي أن المياه والمراعي والترابط السكاني
والعلاقات الاسرية والعادات الاجتماعية والتقاليد والمذاهب الدينية كانت مشتركة
وسيظل الوجود الفلسطيني في لبنان يمثل وحدة لايمكن فصلها عن بعضها البعض مهما
حاولت الطوائف التمييز بينها في التعامل الانساني والحضاري , ولو إندمجت هذه
الاصول مع بعضها البعض ستمثل قوة في وجه عدو مشترك ولكن النظرة القاصرة ستولد بعد
فترة من الزمن نوعين من الاعداء عدو داخل الحدود وعدو خارج الحدود وكما ساهمت
إسرائيل في دعم حزب الكتائب أثناء الحرب الاهلية وقبول الكتائب بهذا الدعم ستقوم
إسرائيل بمحاولة دعم عدو الداخل المقهور في المخيمات ليرفع السلاح في وجه أخيه
الذي إستعبده لفترة من الزمن ظانا أنه يستضيفه على أراضية وهناك شواهد كثيرة في
التاريخ كيف ينقلب الصديق الى عدو وتصبح العبيد أسيادا والاسياد عبيد ولاسيما أن
القهر الاجتماعي قد يعطي البعض الحق لأن يتحالف مع الشيطان في سبيل نيل حريته
كإنسان وإذا كان هذا المثل ينطبق على لبنان فسينطبق أيضا على الوجود الفلسطيني في
كل مكان إذا لم يساهم الجميع بحل قضيتهم وتذويبهم في المجتمع العربي ليبقى الصراع
عربي إسرائيلي وليس فلسطيني إسرائيلي فالدول العربية تساهم في الموت البطيء لهذا
الشعب على يد اليهود المتعصبين وسيكون مصير الفلسطينيين كمصير الهنود الحمر في
أمريكا . وإذا أرادت جامعة الدول العربية مساعدة الفلسطينيين حقا فأول
مساعدة تقوم بها هي إلغاء القرار رقم 1547 لعام 1959 ، الذي طالب بالحفاظ
على الهوية الفلسطينية وهو قرار يزيد الطين بلة ففلسطينيوا الداخل هم الفلسطينيون الحقيقيون حيث لازال إرتباطهم بالارض والمقاومة أما
فلسطينيوا الخارج مع تجربة إسرائيل المرة من إتفاقيات أوسلوا وعودة المسلحين الى
فلسطين لن تسمح بعودة أي فلسطيني بل على العكس تماما وبناء الجدار الفاصل سيدعم
خطة الترانسفير الى الخارج ولو بإفتعال حرب جديدة ضدهم ولاسيما أن الامور إذدادت
تعقيدا ، فلقد تغير العالم بعد 11سبتمبر 2001م فكل دعم مادي للفلسطينيين أو
بالسلاح هو دعم للإرهاب ودول الجامعة العربية في وضع لاتحسد عليه فلاهي تستطيع
المساعدة بالمال ولابالسلاح لان من يقدم على عمل مثل هذا هو بمثابة المنتحر
ولاسيما أن هناك أصوات تعالت من داخل الجامعة بعدم التعجل برفض مبادرة الشرق
الاوسط الكبير الامريكية .
مصطفى الغريب – الرياض
No comments:
Post a Comment