Wednesday, November 4, 2015

متى ينتهي إرهاب المنتجعات السياحية؟4

متى ينتهي إرهاب المنتجعات السياحية؟4



متى ينتهي إرهاب المنتجعات السياحية ؟ (الحلقة الرابعة)
ذكرنا في "الحلقة الثالثة" بعض المعلومات التي يمكن تلخيصها في ما يلي : التعاون بين العديد من الدول لكشف الغموض الذي يكتنف حوادث الإرهاب , التفريق بين الإرهاب وبين المقاومة يسلتزم التعريف الدقيق لكل منهما, الوسائل غير المشروعة لايمكن أن تحقق أهدافاً مشروعة , تحكيم صوت العقل بدلاً من إرضاء غرور القادة , أشكال الهيمنة والسيطرة لن تقبل بها الشعوب , دراسة الأسباب المؤدية للإرهاب هي أفضل السبل لمعرفة كيف نحارب الإرهاب , مشاعر اليأس والإحباط والشعور بالقهر غالباً ماتؤدي الى العنف , إعادة النظر في التعاطي مع مشكلة الإرهاب , التمسك بمباديء العدل والمساواة بين البشر يخفف من حدة العنف , من يقوم بالإرهاب يتلقى الدعم من جماعات متنفذة ينبغي دراسة أوجه العلاقة بينها .
   
أما هنا في هذه "الحلقة الرابعة" سنقوم بالطرح لعوامل لم نذكرها من قبل وقد تكون ذات مغزى مختلف نوعاً ما , فهي تعتمد على أبحاث ودراسات وبالتحديد من جامعة شيكاغو فقد درس "البروفسور روبرت باب من جامعة شيكاغو 462 عملية انتحارية في محاولة للتعرف إلى الحوافز التي تحرك الانتحاريين, ناقضا الاعتقاد السائد بأن الانتحاريين يحركهم تعصب ديني , وقال"دهشت كثيرا لاكتشافي أن 95% من العمليات الانتحارية التي جرت منذ العام 1980م , وحتى اليوم لديها قاسم مشترك ليس الدين بل هدف واضح وإستراتيجي وهو إرغام ديمقراطية حديثة على سحب قواتها العسكرية من أراض يعتبرها الإرهابيون موطنهم الأم".

ونتائج الدراسة أثبتت بما لايدع للشك عدم صدق أقوال كثير من الزعماء السياسيين والعسكريين وفي كل المناسبات التي يتحدثون فيها عن الإرهاب وفي مقدمتهم الرئيس بوش الإبن الذي أعلنها حرباً صليبيةً على العرب والإسلام والمسلمين بدعوى محاربة الإرهاب ، وهذه الحرب جرى الإعداد لها قبل مجيء الرئيس بوش الإبن للحكم بزمن طويل ، في إطار ما يسمى بالإمبراطورية الأمريكية وهو مشروع يستهدف السيطرة والهيمنة على العالم وإقتصادياته ، وبمشاركة ودعم من المشروع الصهيوني الحالم الذي يطمح في الاستيلاء على أرض فلسطين التاريخية وصولاً لإقامة دولة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل ، بل وإقامة الدولة اليهودية العالمية التي خطط لها المؤتمر الصهيوني الذي عقد عام 1897م , في بازل بسويسرا .

كما أن هناك تأكيدات بحثية أيضاً من جامعة نيويورك هذه المرة وعلى لسان آلن زركين من مركز الاستعداد للكوارث في جامعة نيويورك حيث قال "إذا كان من الأكيد أن لا يتمكن الإرهابيون من كسب الحرب فأننا أيضا لا يمكننا ذلك".   

أما تأكيدات جامعة هارفارد فقد جاءت في دراسة بعنوان "هل حان الوقت للحديث مع القاعدة ؟" وقد جاءت هذه التأكيدات على لسان مساعد مدير برنامج الابحاث حول النزاعات السيد محمود محمدو الذي قال إن "التخطيط للمرحلة المقبلة من الرد الشامل على القاعدة يستوجب معرفة عدونا". كما أشار أيضاً أن جميع الرسائل الصوتية التي تبثها القنوات الفضائية عن زعماء القاعدة تطالب بوضوح وضع حد للتدخل الأمريكي في المنطقة بل ووجودها العسكري وكذلك دعمها المطلق للاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية وللانظمة الفاسدة والقمعية في العالم العربي والاسلامي".    

وهناك تأكيدات جاءت على لسان الاميرة "إيرينا" شقيقة الملكة الهولندية "بياتريكس" التي دعت الحكومات الغربية الى محاورة تنظيم "القاعدة" من خلال حديث لها في جريدة الشعب "فولكس كرانت" , وإعتبرت الأميرة أن التحدث إلى قادة هذا التنظيم يساعد في التعرف على وجهة نظرهم وسيغير صورة العداء التقليدية بينهم وبين دول الغرب , وأضافت أيضاً بالقول "اذا لم تقدم للاخر أي فرصة وتبقى تطلق احكاما عليه من وجهة نظرك فحسب فلن تغير شيئا أبدا" . وبررت "العنف الاسلامي" بأنه نتيجة للفقر والعلاقات الخاطئة والحواجز التجارية.

أما أطروحات مايكل شاور المدير السابق ل"وحدة بن لادن" في وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) الذي ينتقد نهج ادارته السابقة , حيث قال في أحد محاضراته إن "الناشطين المسلمين (ومئات ملايين المسلمين غير الناشطين) يكرهون الولايات المتحدة بسبب ما نقوم به في العالم الاسلامي وليس بسبب مثلنا العليا الديموقراطية".

ومما سبق يمكننا القول إن النزعة العدوانية التي تتصف بها الإدارة الأمريكية ممثلة في اليمين المتطرف نحو العرب والإسلام والمسلمين ومحاولاتها الهيمنة على ثروات الدول ، قد لا تترك أمام الجماهير خياراً سوى خيار المقاومة المسلحة ، أو القيام بعمليات إرهابية والتي بدأت تستهدف المنتجعات السياحية والمنشآت النفطية وغيرها من مراكز الإقتصاد العالمي , وليس غريباً القول بأن الانحياز الأمريكي الكامل لإسرائيل ، والتأييد الأعمى لها خصوصاً بعد وصول حماس الى السلطة والمحاولات المتكررة لإفشال حكومتها بتجفيف مصادر تمويلها وعدم دفع رواتب موظفيها .

وهنا نقدم نصيحة لقادة حماس بالقول إذا كنتم غير قادرين على دفع رواتب موظفي الدولة وتنتظرونها من الدول المانحة فلا بد لكم من أن تقبلوا شروطهم , أما إذا كانت شروطهم لاتتماشى مع أهدافكم ففي هذه الحالة يجب أن تقدموا الإستقالة ويفضل أن تحافظوا على شعار "حماس" حركة مقاومة إسلامية , والمقاومة كحركة ستلقى الدعم أما الحكومة كمقاومة فلن تجد دعماً إلا إذا وافقت على نبذ العنف وليس هناك دعماً في عالم السياسة غير مشروط .

ولنا في محاكمة الدكتور سامي العريان عبرة , الذي قضت محكمة أمريكية بسجنه أربع سنوات وتسعة شهور بتهمة تمويل "حركة الجهاد"  , فما بال من يقوم بتمويل "حركة حماس" ولاسيما أنها حركة مدرجة على قائمة الجماعات الإرهابية "من منظور غربي " , ومن يجرؤ على الدعم لحكومة ترأسها "حركة حماس" إلا بموافقة أمريكية وبطريقة مقننة ومدروسة , وإلا فالتهمة جاهزة والعقاب آتي لامحالة . 

وتذكروا , إن الرئيس بوش الإبن لن يتردد هو وإدارته في إتخاذ أي إجراء يرى فيه تعزيزاً لموقف إسرائيل وموقفه أيضاً من اعتبار منظمتي حماس والقاعدة وجهان لعملة واحدة إسمها "الإرهاب" وهما مسؤولتان عن العمليات الإرهابيـة التي جرت وتجري في مختلف أنحاء العالم ، ودعمه المستمر في حشد أكبر قدر من التأييـد العالمي لضربة وشيكة ومتوقعة لإيران من ناحية ، والقضاء على المنظمات العربية والإسلاميـة التي تعمل على مقاومـة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربيـة من ناحية أخرى .

وهل لنا أن نتسائل بالقول أليس الإرهابي هو إنسان أولاً وأخيرا ؟ له شخصية ووجدان ومشاعر وتصورات ثقافية خاصة تحتاج إلى سبر أغوارها ومحاولة فهم كيف تعمل ؟ ولماذا تفعل ذلك ؟  وهل الإرهابي يقوم بمحاولات لإيقاع الأذى بالغير ؟ أم أنها مشاعر وقائية لحماية الذات الجريحة والمهددة والمهانة ؟ .

ويمكن أن نتصور الإجابة تكمن , بإن الإنسان يحب ذاته حبا جما ويود أن يجد التقدير والحنو والاحترام من الآخرين وتتولد لدية آليات وقائية ودفاعية ضد عمليات التهميش والإهانة والظلم الذي يقع عليه والتي تسبب له جراحات عميقه في ذاته سواء كانت مشاعر الظلم والإهانة حقيقية أم وهمية لا وجود لها سوى في خياله المبدع الذي يضخم له تلك المشاعر السلبية في الخارطة الذهنية والمحفورة في الذاكرة التي تتعرض يومياً لضغوط كبرى من ضيق ذات اليد والتهميش لتزيد من الجرح النازف دماً والذي بالتأكيد يخلخل توازنات النفس البشرية السوية التي تبحث عن العدل والمساواة .

فيصبح هو الإنسان المقهور وذاته المغلوبة التي تشعر بالإنهزام والإهانة واليأس حيث تندفع عوامل نفسية كبيرة في ذاته لتتحول الى عمليات إرهابية إنتقامية كردة فعل أمام كل ما يقع عليها فالمشاعر السلبية المتضخمة تحتاج إلى عمليات تفريغ لتحقيق الراحة من كل الأحمال الذي تنوء به هذه النفس البشرية التي تشعر بالظلم وعدم العدل والمساواة .

فتنتمي الى أيديولوجية العنف والتطرف والبأس لتفرح بمشاهدة ضحاياها ودماءهم التي تسيل لتروي عطش حب الإنتقام عبر الإرهاب لتستقطب الضالين المهووسين، وتهمس في آذانهم وصدورهم ، لتحضهم على إرتكاب أكبر المعاصي الدينية جميعاً، بإسم الدين والجهاد في سبيل الله , وما من سبيل لوضع حد ونقطة نهاية لدائرة العنف الشريرة هذه، إلا سبيل واحد , هو إرساء مباديء العدل والمساواة بين البشر وإلحاق الخزي والعار بأيديولوجية الكراهية والحقد ، ونبذها باعتبارها سمة مخزية ووصمة عار في جبين مرتكبها أياً كان مذهبه الديني .

إن إلحاق الهزيمة بأيديولوجية الكراهية التي تعم العالم اليوم تأتي من قوة مباديء العدل والمساواة بين البشر ولنا في الفاروق عمر بن الخطاب أسوة حسنة والذي كان يتمتع الذمي في عهده بكفالة الدولة الإسلامية له عند العجز أو الفقر أو الشيخوخة وقولته المشهورة " فوالله ما أنصفناه أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم " وبدون هذا العدل ستتحول الكراهية الى ثأر تأريخي لرد المظالم الكبيرة التي تقع على الشعوب المقهورة وهو مايفسر ردة الفعل الشرسة والعدوانية لتختلط المفاهيم من جديد بين مفهوم المقاومة ومفهوم الإرهاب ومفهوم الحقوق المشروعة والمصالح الوطنية لنرى إستهداف المنتجعات السياحية كتعبير عن عدم الرضا بحجة ممارسة الممنوعات بإسم السياحة كإقامة الحفلات الليلية الخاصة على الشواطيء التي يمارس فيها الممنوع وغير المألوف الأمر الذي يبقي التساؤل قائماً متى ينتهي إرهاب المنتجعات ؟ .

مصطفى بن محمد غريب 
صحيفة إيلاف اللإكترونية 05-05-2006م

No comments:

Post a Comment