Tuesday, November 3, 2015

العلاقة المتغيرة بين العمالة الوافدة والبطالة

العلاقة المتغيرة بين العمالة الوافدة والبطالة



العلاقة المتغيرة بين العمالة الوافدة والبطالة
كتبت العديد من المقالات وعملت الكثير من الدراسات والأبحاث ودارت إجتماعات على أعلى المستويات بخصوص الإجابة على سؤال كيف نقضي على البطالة ؟
وتعلمنا فيما سبق أن معرفة الأسباب تكون بمثابة الفرضيات التي يمكن من خلالها إيجاد حلول لكثير من المشاكل ومنها مشكلة البطالة وتعرضنا في مقال سابق الى بعض أسبابها وذكرنا منها ثقافة العيب وأزمات الخليج المتعاقبة والعمالة الوافدة وضعف الإستثمار وندرة رأس المال والركود الإقتصادي وضعف المبادرة الفردية وسوء التخطيط التعليمي وإزدياد النمو السكاني وعدم تنظيم سوق العمل والتباطؤ التنموي في النشاط الإقتصادي وإتجاه كبار المستثمرين الى سوق الأسهم والسندات والقيود المفروضة على الإستثمارات الأجنبية وهروب رأس المال الوطني الى الخارج  ومافيا التأشيرات وهناك أسباب عديدة أخرى .   
ولهذا نجد أن هناك أكثر من حل ولكن في نفس الوقت لن يكون هناك حل واحد يمكن أن يحقق الهدف المنشود بين عشية أو ضحاها ولاسيما أنها تراكمات للعديد من السنين , وكما إستمرت الدراسات والنظريات والأبحاث الإقتصادية منذ القرن الثامن عشر الى الآن وهي تبحث في الإجابة على سؤال لماذا تقوم التجارة بين الدول ؟
ونشط العلماء والمفكرين وكثرت النظريات وحتى الآن لم نجد نظرية واحدة متكاملة تجيب عن هذا السؤال ولكن في الوقت نفسه تطورعلم الإقتصاد وأستحدثت النظريات والتجارة بين الدول تطورت بل ومازالت قائمة وسوف يدور الجدل هنا وهناك وكل من يدلي بدلوه يعتقد أنه قد أجاب على هذا السؤال ونسي قول الشاعر " قل للذي يدعي في العلم معرفة * علمت شيئا وغابت عنك أشياء" .
وهنا تكمن طبيعة البشر التي مهما إجتهدت في العلم والمعرفة إلا أن الأعمال البشرية لاتخلوا من العيوب والنقص وكلما إقترب العبد من الربط بين العلوم بشكل عام وبين العلوم الشرعية صار أقرب الى الصواب والى الشمولية .
ومن بين القضايا الجدلية والتي تبدوا للبعض منطقية إلا أنها قد لاتكون كذلك وهي الربط بين حجم العمالة الأجنبية وبين البطالة المحلية وكأنها السبب الوحيد وتجاهل العديد من الأسباب المذكورة أعلاه . 
فمثلاً ينظر أحد الناس الى مهنة معينة أو نشاط معين ويجد أن من يسير هذا النشاط عمالة غير وطنية فيفترض أنه لو قامت الدولة بترحيل القائمين على هذا النشاط من غير المواطنين لتوفرت هناك فرص عمل بمقدار مايتم ترحليه من هذه الفئة وفي ذلك النشاط ولكن الأمر ليس كذلك .
وعلى سبيل المثال لا الحصر سائقي الليموزين ومحلات بيع الذهب ومحلات بيع الخضار والعديد من المهن التي تنوي هذه الدولة أو تلك حجبها عن غير المواطنين ولكن تبقى البطالة قائمة وهناك من  يتهم هذا الوزير بالتقصير أوذاك الكاتب بأنه غير وطني أوذاك التاجر بأنه غير مبال ويقع الجدل وتدور نقاشات حامية نتائجها تعود الى تقصير هذه الدولة أو تلك ومنهم من يحمل التقصير الى الأشخاص العاطلين عن العمل أنفسهم ومنهم من يرجع ذلك الى التجار والمستثمرين .
ومن ضمن الأسباب السالفة الذكر هناك مايسمى بمافيا التأشيرات أو اللوبي المؤثر في هذا المجال وتحدث عن ذلك وزير العمل السعودي بأن قال مرة في إحدى المقابلات " حول الوقوف فى وجه مافيا التأشيرات .. وتقليص حجم العمالة .. والقضاء على البطالة .
ورداً على سؤال بخصوص تفريغ المجتمع من كل ما هو اجنبى ، فأجاب معاليه  الحقيقة ، أن المحاولة اكثر تواضعا من ذلك بكثير جدا ، هناك الآن 8.8 " ثمانية ملايين وثمانمائة الف مقيم اجنبى فى المملكة ، منهم قرابة 7 سبعة ملايين عامل والباقى من اسرهم ، وهذا العدد يصل الى نصف عدد المواطنين السعوديين ، تقريبا .
اذا استمرت النسب السابقة لتدفق العمال الوافدين كما كانت عليه ، فسوف يقترب عدد الوافدين من عدد المواطنين شيئا فشيئا ، واذا لم تتخذ اجراءات فعالة لوقف هذا المد فسيتجاوز عدد الوافدين عدد المواطنين ، كما حدث فى بعض اجزاء من الخليج لا اظننى بحاجة الى ان اشرح مخاطر هذا الوضع من كافة النواحى ، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والامنية ، هدفنا الان هو تخفيض الجالية الاجنبية بحيث تصل نسبتها الى ربع المواطنين ، وذلك خلال 15 سنة ، حتى هذا الهدف المتواضع يبدو صعب التحقيق .
كم اتمنى من الذى يتصدون لبحث هذا الموضوع ان يدركو ابعاده وخطورته بدلا من تتدبيج مئات الصفحات فى انتقاد هذا القرار الجزئى او ذاك ، قلت واكرر ، أن أمامنا قرارات أليمه ، وكل اصلاح هو عملية مؤلمة ان كل وضع راهن يتمتع بحماية من " لوبى" – واذا اردنا ان نغير الاوضاع الراهنة الى ما هو احسن فعلينا ان ندفع الثمن : لابد ان يتضرر " اللوبى " ولا بد ان يصيبنا بعض الضرر من ردود فعل اللوبى هذه سنة الحياة ، وهذه سنة الاصلاح . " إنتهى كلام معالي الوزير . 
ولكن قبل الخوض في تفاصيل ذلك ينبغي علينا أن ندرس بعض الجوانب الأخرى المرتبطة بالموضوع نفسه وماتبثه بعض وسائل الإعلام عن أن مستقبلنا بأيدي الوافدين وبعض الخبراء بدأو يحذرون من جيش من الشباب "من كل بلدان الشرق الأوسط" الذين بدأوا يلتحقون بقطار الباحثين عن عمل، وهذا القطار سيشمل مئة مليون شاب بعد عقد من الآن .
مدعين بأن القطار قد إنطلق وهو يتقدم نحونا ولايمكننا تجاهله وهناك من يقول بين الحين والآخر أن لكل منطقة خصوصيتها ، ومنطقتنا الخليجية تواجه خطرا حقيقيا من نوع آخر يتمثل في إحلال شعب وافد محل الشعوب الخليجية الحالية.
وكأن هناك غزو منظم وإستعمار جديد قادم ليس له هوية أو جنسية كالإرهاب تماماً والبعض يضرب الأمثلة على ذلك بإرتفاع نسب العمالة الأجنبية مقارنة بالعمالة المحلية وكأن العمالة الأجنبية التي ساهمت في بناء الكثير من دول الخليج متناسين خدماتهم السابقة وأنهم لايزالون يعملون في بناء هذا الوطن أو ذاك وسبحان الله الناس تفسر الأشياء حسب رغباتها .
فمثلاً في الأردن الذي يعتمد جزء من مصدر الدخل لديه على الطلبة الوافدين للدراسة في الجامعات الأردنية نجد هنا أن الكتاب والإقتصاديين والإعلام يروج الى زيادة هذه الفئة لآنها دعامة للإقتصاد الوطني فكيف الوافد هنا أصبح عنصر دعم للإقتصاد وفي الحالة السابقة العمالة الأجنبية تسيطر على سوق العمل وتسيطر على الإقتصاد وينبغي محاربتها أو الحد من تواجدها .
مثال آخر : هناك توجه عالمي الى جذب الإستثمارات الأجنبية لما لها من آثار إيجابية على إقتصاديات الدول , لذا نجد أن المسؤولين في دولة ما وإعلامها يروج لجذب الإستثمارات الأجنبية بل وبعض الدول تعطيهم مميزات وإعفاءات ضريبية تصل الى حد 10 سنوات .
وفي الوقت نفسه نجد في مكان آخر من الصحيفة نفسها أن العمالة الأجنبية نهبت البلد وحولت ملايين الدولارات الى الخارج  وفي صفحة ثالثة ننادي بالسياحة ونشجعها لما لها من أثر على جلب العملات الصعبة التي تعتبر مصدر من أهم مصادر الدخل .
فما هذا التناقض الذي نعيشه ؟ .
وكيف نريد أن نجذب هذا المستثمر الأجنبي وهذا السائح الأجنبي ونطرد هذا العامل الأجنبي أو نقوم بترحيله أو إنهاء خدماته , وهناك الكثير من الأنظمة ترحب بالعامل الأجنبي ولاترحب بعائلته وتسن القوانين التي تحد من إستقدام زوجته مثلاً ثم نطالع يومياً في وسائل الإعلام عن وجود أماكن دعارة قام بها أجانب وتم القبض عليهم ويستحق رجال الأمن البواسل الشكر والدعم على القيام بهذه الحملات التي يقومون بها لقطع دابرالفساد ممثل في هذه الفئة التي تقتات على الرذيلة.
ولكن في نفس الوقت ينبغي ألا نتناسى الحاجات الإنسانية للغرائز البشرية التي فطرنا الله عليها ونعمل على تسهيل الإستقدام المشروع  لقضاء الحاجات الإنسانية المشروعة المبنية على الفطرة السليمة ولاسيما أن هناك حالات عديدة لايستطيع الشخص أن يستقدم عائلته إلا بواسطة التي قد تفتح أبواباً للرشوة .
وعود على ذي بدء نجد أن هناك تصريحات للعديد من الوزراء والمسؤولين أن نسبة العمالة الوافدة الى الخليج تزداد سنوياً بمعدل 5% وأن هناك 12 مليون وافد يعيشون في الخليج والجزيرة العربية .
وهناك من صرح علناً من أن الوافدين سيتمكنون من الوصول الى مناصب وزارية وقال بالحرف الواحد " وتتصور الحكومات الخليجية أن هذا بعيد عنها، ولكن بعد عشر أو عشرين سنة سيصبح لزاما عليها الالتزام بالمنظومة الدولية للحقوق، شاءت أم أبت. ويذكر أن بعض الدول الخليجية تعرضت لمساءلة لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة خلال الأعوام الماضية بشأن الحقوق المدنية للأقليات المحرومة، ومنها العمالة الوافدة." وسنكمل في مقال آخر .

مصطفى بن محمد غريب
الولايات المتحدة  – مينسوتا


No comments:

Post a Comment