Thursday, August 8, 2019

وزارة الصحة والطيور المهاجرة



وزارة الصحة والطيور المهاجرة
عندما تطلق ناظريك الى الفضاء وتسمح لعنان بصرك النظر الى أسراب من الطيور المهاجرة حينها تشعر بأن هناك أسرارًا كثيرة تكمن خلف أجنحتها.. بالتأكيد تود لو أن تعرف بعض ثنايا الغموض فيها ولا شك أنك تكتفي بأن تقول في نفسك...... سبحان من أبدع هذا وسوى. وكما يحاول العلماء , إضافة الجديد كل يوم في أساليبهم لتتبع هجرة الطيور , ففي كل موسم ربيع وكذلك موسم صيف تنطلق ثلث أنواع الطيور في العالم مهاجرة في رحلات مختلفة المسافات والاتجاهات، ولكن هناك نوع آخر من الطيور تبدأ رحلتها العملية بالعودة الى الوطن عند انتهاء فصل الصيف وعودة المدارس وابتداء الانشطة المختلفة  في بلادنا الحبيبة بعدما سلكت الاتجاه المعاكس في صيفنا الحار الى البلاد الأكثر برودة لتستمتع  وتنفق مما اكتسبت يداها خلال الموسم وكأنما تجارة الادوية في بلادنا تجارة موسمية تنشط خلال العام وتركد خلال الصيف . .. سأحاول اليوم اضافة شيء جديد في عالم تجارة الادوية لعل المسؤولين ان يجدوا بعض الملاحظات لتتبع مسار هذه الطيور التي تنهش اقتصاد البلاد لعلها تجد أنظمة حديثة تمنع ما تقوم به هذه الطيور الضارة للمجتمع.
انني أقصد بهذه الطيور هم (مندوبي المبيعات) في المجال الطبي لعلي أستطيع أن أسلط الاضواء على مواضيع أكثر أهمية وأكثر حساسية تمس وزارة الصحة أكثر من غيرها فيما يتعلق بالتطبيق الميداني للرقابة على تجارة الادوية وسد بعض الثغرات فهناك أدوية كثيرة مغشوشة تباع في الاسواق تحتاج منا الى وقفة صادقة مع النفس للمحافظة على صحة المواطنين والمقيمين على حد سواء , وهناك أدوية مسروقة وتباع بثمن بخس دراهم معدودات وهناك أدوية منتهية الصلاحية وتباع للاستهلاك الادمي وهناك أدوية تصنع أو تعبأ محليا  بحاجة الى حملة لاتقل عن الحملة على الارهاب فهو ارهاب من نوع آخر وان اشترك في النتيجة وهي قتل الآمنين أو الحاق الضرر بهم  . وربما تجد  وزارة الصحة  في تحصيل رسوم المخالفات الطبية والصحية فيما  لو قامت بتحصيل غرامات بيع بعض الادوية في البقالات والتموينات عوضا عن السوبر ماركت أو الادوية غير المرخصة في الصيدليات كما ورد في نظام مزاولة المهنة وهي التي يروجها مندوبي المبيعات (الطيور المهاجرة ) وقامت بتدويرها عبر نظام خاص يصدر من وزارة المالية لكان بالامكان الاستفادة من مئات الالاف من الريالات بل الملايين دون مبالغة في الارقام ,  وان  من الغريب في الامر أن أصبح كل من  لايجد له عمل ان يبدأ رحلته من السوق فيبيع  الادوية بصفته الشخصية وبدون فاتورة بغرض عدم تحمل  أدنى مسؤولية أو الامساك بطرف الخيط المؤدي اليه , وبالتالي فهو الشخص الذي يدق  مسمار في نعش مستودعات الادوية المرخصة و مصانع الادوية التي أنفقت الملايين لتأسيسها , ومما يزيد في الطين بلة ان هذه المستودعات تدفع رواتب وعمولات لمندوبيها وأيجارات لمقارها والكثير من مندوبي المبيعات  يتاجر لحسابه الخاص وكأنما هذا القطاع قد أسبغت عليه الصفة القانونية لانعاش التجارة غير المشروعة في الادوية لصالح المندوبين وبالتالي تزداد حوالاتهم التي امتلأت بها جيوبهم الى بلدانهم وتزداد خسائر أصحاب هذه المستودعات والمصانع والنهاية المحتومة هي الاغلاق أو الافلاس بعدما  طارت الطيور المهاجرة بأرزاق غيرها  وهاجرت في مواسم الهجرة الى بلدانها , وهنا يجب التنويه الى ان النظام لايخول أي مؤسسة بيع المواد الصيدلانية لأي جهة كانت دون حصولها على ترخيص بذلك ولكن في المقابل نجد  أن كثير من المؤسسات غير المرخصة التي تبيع الادوية أكثر مئات المرات من المرخصة وكما يقول المثل من أمن العقوبة أساء الادب فهي لاتتحمل أعباء ايجارات المستودعات والعاملين فيها ورواتب الصيادلة السعوديون حسب نص النظام وأن كان معظمهم يقبض رواتب دون أن يعمل في منشأته فقط ! لان النظام يتطلب ذلك !!، هذا عوضا عن أنها تخزن الادوية دون رقابة عليها من وزارة الصحة لان المستودعات المرخصة مراقبة أما غير المرخص فهي غير خاضعة للمراقبة لأنها غير معروفة أصلا!  وغالبا ماتكون في بيوت العاملين فيها، وربما توجد عمليات تهريب منظمة للاتجار بالأدوية وخصوصا الادوية غير المرخصة أكثر مئات المرات من المرخصة وعمليات التهريب هذه تأخذ أشكالا وأنماطا مختلفة يمكن شرحها لو أتيح لي ذلك مستقبلا.  

مصطفى بن محمد غريب
الينوي – شيكاغو  
27/09/2003م

No comments:

Post a Comment