Thursday, August 8, 2019

هل نحن مجتمع مثالي أم أمة كباقي الأمم؟


هل نحن مجتمع مثالي أم أمة كباقي الأمم؟

فكرت في هذا السؤال عندما قامت الدنيا ولم تقعد حتى الآن كصدى لما قام به الدكتور محمد آل زلفة من تقديم دراسة تقوم على 18 عشر مبرر لبدء مشروع يسمح للمرأة بقيادة السيارة لما في ذلك من تخفيف لأعداد السائقين الأجانب الذين وصل عددهم الى مليون سائق  أجنبي يستنزفون 12مليار ريال سنويا وتقليل الاعتماد عليهم لأنهم يسببون مشكلات اجتماعية خطيرة وحماية للمجتمع من مشاكلهم التي وصلت إلى مراحل خطيرة حتى إن بعضهم أصبح بمثابة أولياء الأمور لبعض الأسر السعودية، ووصف الوضع بأنه بمثابة قنبلة موقوتة , وجاء الرد حازماً وقوياً من سمو وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي نفخر به كرجل الأمن الأول في مملكتنا الحبيبة حيث قال سموه في تصريحات صحفية  في 24/04/1426هـ " أن الجدل الدائر في أوساط المجتمع حول قيادة المرأة للسيارة ليس له معنى لأنه شأن اجتماعي يقرره المجتمع ونحن وضعناه قضية وهو ليس بقضية "  ولو عدنا الى تصريحات سابقة لسموه الكريم نقلاً عن جريدة الاقتصادية في 26/01/1420هـ حيث قال سموه الكريم " لا توجد أي رغبة أو توجه لدى الدولة بشأن السماح للمرأة بالقيادة في السعودية " وكان هذا التصريح  إثر قيام مظاهرة نسائية أيام أزمة الخليج ثم صدر قرار بمنع قيادة المرأة للسيارة والتأكيد عليه . وهنا نستنتج مدى تفاعل المسؤولين مع المتغيرات المحلية والدولية.  وجاء تعقيباً على هذا التصريح عنوان مقال لأحد الكتاب " استفتاء عام لمعرفة "قرار المجتمع" واستشهد الكاتب بمقولة مشهورة للملك فيصل طيب الله ثراه عندما قرر فتح مدارس البنات قال " من شاء يعلم بناته فالمدارس مفتوحة، ومن شاء حرمانهن فلا حرج عليه " وهنا نحب أن نعلق على موضوع الاستفتاء ونقول إن العبرة ليست بكثرة المؤيدين وإنما العبرة بمن هم على الصواب ولو كان عددهم قلة ونستشهد بالآية الكريمة (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون), لأن المسائل التي تتعلق بالدين ليس فيها استفتاء ثم أن مسائل الاستفتاء بحاجة الى وعي كامل بحجج المؤيدين وحجج المعارضين حتى نقول نعم أو نقول لا وهذا غير متوفر في كل من يقوم بالاستفتاء , ولنأخذ العبرة من الاستفتاء الذي جرى مؤخراً في مصر حول تعديل بند الانتخابات وما جرى نتيجة لهذا الاستفتاء من انتهاكات وتحرشات لا أخلاقية ثم نجد أن المجتمع  انقسم الى قسمين بين مؤيد ومعارض ونحن بأمس الحاجة الى التماسك في هذا الظرف العصيب ولنأخذ مثل آخر في فرنسا الاستفتاء حول الدستور الأوروبي وما أدى إلى استقالة رئيس الوزراء وتغيير الحكومة ثم إن الاستفتاء يحتاج الى تنظيم جيد ونحن في مرحلة هل نقدم المشروع للدراسة أم لا نقدمه وجدير بالذكر أيضاً ما تعرض له عضو مجلس الشورى عبر رسائل الجوال الخاص به الذي يستقبل يومياً عشرات الرسائل والاتصالات الحافلة بالشتم والتهديد. حيث قال في إحدى تصريحاته لـ"إيلاف": "أنا مؤمن بما أطرحه ولستُ نادمًا.. إن وصل الأمر للتهديد بالقتل ... إن قُتلت فذلك في سبيل الإصلاح لا معصية". ويضيف: "المتصلون المهددون كنت أتمنى أن تكون لديهم ثقافة الحوار...ولكنها للأسف غائبة عن مجتمعنا". فهل نستطيع القول بأن ذلك وضع صحي لا غبار عليه أو هو أمر متوقع وشائع ومألوف عند كل منعطف تاريخي في حياة الشعوب. ولن نستطيع في مقالنا هذا أن نتكلم عن حجج المؤيدين وحجج المعرضين لأن ذلك سيأخذ عدد كبير من الصفحات ولا مانع من أن أناقش الفرضية التالية طبعاً إن قيادة السيارة يحتاج الى رخصة قيادة ورخصة القيادة بحاجة الى صورة شخصية فهل الصورة الشخصية بالنقاب أم بالوجه المكشوف فلا يعقل أن يكون بالنقاب وإلا أصبح جميع النساء المنقبات شكل واحد ولا يمكن التعرف على صاحب الرخصة إذاً  لابد من الصورة بالوجه بدون حجاب وهذه بداية ثم عند أي مخالفة مرورية فمن حق رجل المرور أن يتعرف على صاحب الرخصة بالصورة كما يجب أن يطابق الأصل وهناك من سيقول ستكون هناك شرطية للمرور وطالما أن هناك شرطية للمرور فلابد أن يكون في جميع القطاعات الأمنية شرطيات أسوة بالمرور ثم نبدأ بالتنازل دينياً شيئاً فشيئاً وأحب أن أرد على من يقول إن المعارضين لم  ينطلقوا من جوانب دينية أن هناك فتوى من فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله حيث قال  " الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
فقد كثر حديث الناس في صحيفة الجزيرة عن قيادة المرأة للسيارة ، ومعلوم أنها تؤدي إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها ، منها : الخلوة المحرمة بالمرأة ، ومنها : السفور ، ومنها : الاختلاط بالرجال بدون حذر ، ومنها : ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور ، والشرع المطهر منع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة ، وقد أمر الله جل وعلا نساء النبي ونساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت ، والحجاب ، وتجنب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي إليه ذلك كله من الإباحية التي تقضي على المجتمع قال تعالى : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } الآية .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " فالشرع المطهر منع جميع الأسباب المؤدية إلى الرذيلة بما في ذلك رمي المحصنات الغافلات بالفاحشة وجعل عقوبته من أشد العقوبات صيانة للمجتمع من نشر أسباب الرذيلة.
وقيادة المرأة من الأسباب المؤدية إلى ذلك، وهذا لا يخفى ولكن الجهل بالأحكام الشرعية وبالعواقب السيئة التي يفضي إليها التساهل بالوسائل المفضية إلى المنكرات - مع ما يبتلي به الكثير من مرضى القلوب من محبة الإباحية والتمتع بالنظر إلى الأجنبيات، كل هذا يسبب الخوض في هذا الأمر وأشباهه بغير علم وبغير مبالاة بما وراء ذلك من الأخطار.
وإنني أدعو كل مسلم أن يتق الله في قوله وفي عمله، وأن يحذر الفتن والداعين إليها، وأن يبتعد عن كل ما يسخط الله جل وعلا أو يفضي إلى ذلك، وأن يحذر كل الحذر أن يكون من هؤلاء الدعاة الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف. وقانا الله شر الفتن وأهلها، وحفظ لهذه الأمة دينها وكفاها شر دعاة السوء، ووفق كتاب صحفنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح أمر المسلمين ونجاتهم في الدنيا والآخرة، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله على نبينا محمد وآلة وصحبه وسلم.   وهناك فتوى مماثلة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين يمكن الرجوع إليها في كتاب الفتاوي الشرعية في المسائل العصرية من فتاوي علماء البلد الحرام ونرد على من يقول إن المجتمع تغير فنقول يوجد هناك هيئة كبار العلماء فليطرح الأمر عليهم لإصدار فتوى جديدة إن لزم الأمر وهناك تعليقات من بعض الكتاب حول جاهزية المجتمع وانتهوا الى خلاصة " بأن القضية هي فعلا أكبر من أن نقود أو لا نقود، القضية تمس سلوكيات جيل، وأخلاقيات شعب “. وكما أحب أن أكرر وفي أكثر من مناسبة ألا نعتبر الأجانب شماعة نعلق عليها كل مشاكل المجتمع من قيادة السيارة الى البطالة الى قضايا الدعارة والشعوذة والمخدرات التي نالت النصيب الاكبر من الحملات الامنية التي قامت في العديد من مدن المملكة في أكبر حملة من نوعها في تاريخ المملكة منذ تأسيسها والتي اكتشفنا من خلالها أكبر عدد من المشاكل التي يعاني منها المجتمع مواطنين ووافدين فهو عصر الاكتشافات إن صح التعبير ومن هذه الاكتشافات نوجز ما يلي:
اكتشاف عصابات ترويج مخدرات وهاربين ومطلوبين في قضايا مخدرات. 
اكتشاف عدد من الحبوب المخدرة وكميات كبيرة من الحشيش المخدر وحبوب الكبتاجون والقات والمشروبات المحرمة. 
اكتشاف استراحات تحولت الى مراقص وحانات.
إكتشاف حالات تزوير لمختلف المستندات والقبض على عدد من مزوري الوثائق الرسمية.
اكتشاف عدد من حالات السرقة مثل السيارات وأجهزة التسجيل وقطع الغيار. 
اكتشاف حالات هروب خادمات من أرباب العمل.
اكتشاف كميات كبيرة من الأسلحة.
اكتشاف مصانع للخمور.
ولقد عبرت إحدى الكاتبات السعوديات في مقال بعنوان " نقود أو لا نقود حيث كتبت " فالبوصلة الأخلاقية في مجتمعنا لا تشير إلى الشمال، رغم أننا نريدها أن تبدو كذلك. لكن يأبى الله إلا أن يكشفنا أمام أنفسنا بأحداث من العيار الثقيل، فكلنا يذكر قصة جوال الباندا، التي كانت فضيحة سارت بها الركبان في الشرق والغرب " وأحب أن أختم بالقول إن الوافدين ليس كلهم خير وليس كلهم شر فلماذا لا نتخلص من الأشرار منهم ولننتهي من هذا الملف بشرط ألا نجعلهم سبب البلاء في كل قضية نثيرها للنقاش العام كما ينبغي أن نشكر الأجهزة الأمنية في المملكة التي نجحت في تحقيق إنجازات ونجاحات كبيرة من خلال حملاتها التي تقوم بها بصفة مستمرة على الأحياء المخالفة في مختلف مناطق المملكة.. بهدف وأد الجريمة في المهد ومحاصرتها والقضاء عليها.. كما ينبغي أن ندرك أنه لا يوجد مجتمع مثالي بل إننا أمة كباقي الأمم قبل أن نفتح ملف قيادة المرأة للسيارة.

مصطفى بن محمد غريب
الينوي – شيكاغو

صحيفة إيلاف الإلكترونية 04-06-2005م






No comments:

Post a Comment