Thursday, August 8, 2019

هل نحظى بمرسوم يمنع كل أشكال التفرقة؟




هل نحظى بمرسوم يمنع كل أشكال التفرقة؟

قوات الأمن السعودية قتلت 6 من المطلوبين (الإرهابيين)، واعتقلت أحدهم بعد إصابته وهو يعالج الآن في العناية المركزة ويعتبر صيد ثمين إن تمكنت السلطات من انتزاع بعض المعلومات منه، ليتم تفكيك بعض خلايا التنظيم و/أو التنظيمات التي يتكون منها الإرهابيين ويزول بعض الغموض الذي يكتنفها، ولا شك أن الحرب على الإرهاب له ثمن لابد أن يدفع واستحقاق لابد أن يؤدى ففي هذه العملية أستشهد أحد أفراد قوات الأمن الخاصة، وأصيب عدد من رجال الأمن.  

وتعتبر هذه العملية ضربة استباقية تضاف الى رصيد أجهزة الأمن السعودية من النجاح في تعقب الإرهابيين ومطاردة فلولهم , ولاشك إن هذه العملية منذ بدايتها حتى نهايتها إنجاز للاستخبارات السعودية بما تملكه من معلومات وما يتم من تحليل وتخطيط وتنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية , وقلنا إنها ضربة استباقية لأن قوات الأمن هي التي تأخذ زمام المبادرة والمفاجأة للقضاء على النفوس الشريرة التي لا تعرف الوطنية ولا تحكم عقلها وضميرها ولا تعمل من منطلق ديني إسلامي وإنما هي بمثابة دمى تتحرك وفق أهواء زعماء الشر والفساد .

الجديد من معلومات على صعيد هذه العملية هي أن الإرهابيين قد زودوا الفيلا التي جعلوها وكراً لأعمالهم الشريرة بعدد لا يقل عن 8 كاميرات لمعرفة ما يدور في الخارج وهذا أعطى إجابة للحيرة التي كانت تتملك بعض الأجهزة الأمنية عندما كانت تشن حملات على بعض مواقع الإرهابيين فيلوذوا بالفرار قبل وصول أجهزة الأمن مما يضع علامات استفهام كبيرة ويفقد بعض أفراد القوة المهاجمة الثقة.

والجديد أيضاً هو سرعة التعامل مع الحدث وقوة الطوق الأمني وهذا يضاف الى الدروس المستفادة من العمليات السابقة، والجديد أيضاً من الطرف الآخر هو أن الإرهابيين بما قاموا به من عمليات إطلاق نار عشوائي في محاولة لفك الطوق الأمني الذي لفه رجال الأمن حولهم يدل على أن عنصر المفاجأة والتوقيت كان العنصر الحاسم في القضاء عليهم ولكن التساؤل الذي يكتنف أمثال تلك العمليات هو ماهي مصادر التمويل والتجهيز التي يعتمد عليها الإرهابيين؟

أي أنه لازال هناك من يدعم تلك التنظيمات بمقرات وسط الأحياء الراقية وبمركبات حديثة وأسلحة وذخيرة ومتفجرات ومعدات وأجهزة حديثة كالمنظار الليلي وأسلحة القناصة وأموال نقدية كافية والسؤال الآن هو هل هذا الدعم داخلي أم خارجي؟ دعم أفراد أم دعم منظمات؟ هل هو دعم تتورط فيه أجهزة استخبارية عالمية؟، الأيام القادمة ستكشف المزيد من هذا الغموض والتساؤلات المحيرة.

والجديد أيضاً في هذه العملية هي تجهيز غرفة بعازل للصوت لتستخدم كأستوديو لبث الأفكار الهدامة والتحريض على الفساد والضلال ولا يستبعد أنها كانت مجهزة لعمليات اختطاف لبعض الرهائن كتكرار للمشهد العراقي الدامي وهذا يجعلنا نربط بين الجماعات الإرهابية المختلفة.

وعلى الرغم من الهدوء الذي جاوز 3 أشهر دون أي عملية مسلحة إلا أن الهدوء تبدد , مما يدل على أن الإرهاب لا يزال يتلقى دعماً خفياً لأعماله، وعلى الرغم من قيام الأجهزة الحكومية المختصة بضبط جمع التبرعات أمام المساجد , إضافة إلى تشديد الرقابة على الحسابات الشخصية من قبل مؤسسة النقد السعودي (البنك المركزي) , إلا أن المبالغ المالية الكبيرة التي يعثر عليها بحوزة الإرهابيين تثير علامات استفهام حول وجود داعم مالي خفي حتى اللحظة من خلال تمكن أفراد التنظيم من الحصول على التمويل المالي على الرغم من كل الإجراءات الاحتياطية.

هذا يدل على أن المعركة مع تنظيم القاعدة أو أي تنظيمات أخرى في المملكة لم تنته رغم مقتل العديد من الإرهابيين ولا أحد يعرف متى تنتهي فربما ظهر قادة جدد لهذا التنظيم أو أي تنظيمات أخرى وهنا نتساءل هل البيئة العربية هي بيئة تفرخ الإرهاب والإرهابيين؟ أم أن هناك خلل يبدأ من المنزل ثم من المدرسة ثم من الثقافة التي يتغذى عليها المجتمع وهي بيئة تفرق بين الناس وتجعلهم شيعاً وأحزابا؟ هذا مواطن وهذا أجنبي ونستشهد هنا بما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حينما دعا المواطنين وطلبة العلم والصحفيين والكتاب إلى التمسك بالوحدة الوطنية وعدم تقسيم المواطنين إلى تصنيفات بينها علماني أو ليبرالي أو منافق أو إسلامي متطرف، وهل نحظى بمرسوم يمنع كل أشكال التفرقة بين المسلمين؟ لنتخلص من العصبية الجاهلية المنتنة التي نهانا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.  

مصطفى بن محمد غريب
الينوي – شيكاغو
صحيفة الحقائق اللندنية 26-06-2006م

No comments:

Post a Comment