Thursday, August 8, 2019

الإرهاب في سيناء هل هو بداية أم نهاية؟ ( الحلقة الثانية عشرة )




الإرهاب في سيناء هل هو بداية أم نهاية؟ ( الحلقة الثانية عشرة )

في "الحلقة الحادية عشرة" من الإرهاب في سيناء هل هو بداية أم نهاية ؟ ذكرنا بعض المعلومات ويمكن تلخيصها في ما يلي: انعدام المصداقية في بعض وسائل الإعلام الرسمية , وسائل الإعلام المختلفة تعمل لتوجيه الرأي العام بما يخدم أهدافها وبعيداً عن الحيادية , إتهام صريح ومباشر لأبناء بدو سيناء , القوى المعادية تحاول بث بذور الفتنة بين أبناء البلد الواحد, أخطاء إعلامية في الربط بين توجهات رجال الدين ومهربي المخدرات والداعرات , أين هو دور الدول المتحالفة في حربها ضد الإرهاب ؟ , أين التعاون الدولي بهذا الصدد ؟ إسرائيل تحاول التقليل من دور مصر في السيطرة على منطقة سيناء , محاولات للربط بين ما يجري في سيناء وبين تنظيمات فلسطينية , بعض وسائل الإعلام تحاول إيجاد مبررات لاعتقال المزيد من أبناء بدو سيناء , النزعة الجاهلية للتفريق بين بدو شمال سيناء وبدو جنوب سيناء .

وفي هذه الحلقة سنقوم بالتحليل وسرد لأهم الأفكار التي كتبت حول الموضوع رغم ان الوقت مبكر ولاتزال الأنباء متضاربة حول الجهة التي تقف وراء هذه الأعمال الإجرامية إلا أن هناك بعض المعلومات المهمة التي توصلت إليها أجهزة الأمن المصرية حول أبعاد التفجيرات التي ضربت مدينة دهب السياحية في سيناء ، بالقول أن تنظيماً أصولياً متشدداً يضم عناصر من بدو سيناء يقف خلف حوادث التفجيرات في سيناء , وزيادة في التأكيد على تلك المعلومات أن مصادر رسمية افادت بأن المتفجرات التي حصل عليها الجناة من تجار للمتفجرات في سيناء .

وتم إقحام شخص فلسطيني قيل انه المؤسس ويتبنى اراء المتشددين الإسلاميين وأن الجناة لديهم صلات أيديولوجية بتنظيم القاعدة الذي يتزعمه أسامة بن لادن , وينتمي كثير من اعضاء الجماعة من منطقة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء وهي مدينة يقطنها خليط من البدو وأناس جاءوا من وادي النيل وسكان من أصل فلسطيني .  

ومازالت المعلومات تتوارد وبدأت تتكشف خيوط العملية الإرهابية بعد الإعلان عن تمديد العمل بقانون الطوارئ الذي يحتج عليه شريحة كبيرة من المجتمع المصري سواء كانوا في المعارضة أو مستقلين أو من كتلة الإخوان المسلمين , وقد جاءت نسبة التصويت على القانون المذكور بأغلبية 287 عضوا مقابل 91 عضوا من إجمالي 387 نائبا ولقد عبر النواب المعارضون عن رفضهم للقانون بارتداء أوشحة سوداء كتب عليها "لا للطوارئ" .

أما الحكومة فماضية في إقرار القانون وتمديد العمل به متذرعة بأحداث الإسكندرية الطائفية والعمليات الإرهابية في مدينة دهب (جنوب شرق سيناء) ولكن التمديد هذه المرة لسنتين فقط أو لحين صدور قانون مكافحة الإرهاب الذي قد يستغرق سنتين قبل إقراره كما أعلن مؤخراً الرئيس حسني مبارك الذي وعد أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية في سبتمبر 2005 بإلغاء حالة الطوارئ المفروضة منذ اغتيال الرئيس السابق أنور السادات في أكتوبر 1981م التي اتضح فيما بعد أنها وعود انتخابية فقط .

وعليه ستشهد جمهورية مصر العربية عدة تظاهرات احتجاجية في الأيام القليلة القادمة كما أعلنت عن ذلك الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" معتبرة أن الدكتاتورية والإرهاب وجهان لعملة واحدة .

المهم أن يعرف القارئ أن الوضع غير مستقر ولا يستبعد أن يكون وراء ذلك أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية سواء فيما يتعلق بتفجيرات دهب وطابا وشرم الشيخ أو الفتنة الطائفية في الإسكندرية لأن إسرائيل هي الجهة الوحيدة المستفيدة من ذلك وهي تهدف الى صرف الأنظار عن المجازر البشعة بحق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وخصوصاً بعد وصول حماس الى السلطة ومن مصلحة إسرائيل أيضاً أن يستمر الصراع طويلاً بين السلطات المصرية ومجموعات من بدو سيناء والذي أثبت التاريخ بأن لهم دور تاريخي معروف وممتد من مواقفهم الوطنية عندما كانت سيناء تحت الاحتلال الإسرائيلي , وتعترف الجهات الأمنية في مصر بأن البدو عادة ما يبادروا بتقديم النصائح الى الأجهزة الأمنية .    

ورغم أن البدو يكأدون دائماً بالقول كلنا شركاء في تأمين الأمن لجميع مدن سيناء كما هي باقي المحافظات وأن الأمن في سيناء مسألة حياة أو موت لجميع البدو وقد قدم مشايخ القبائل منذ فترة اقتراحا بضرورة الاستعانة بالبدو في عمليات التأمين بشكل عملي كما أن تضحياتهم معروفة ومعلومة , لكن هؤلاء البدو لهم مطالب ايضا ولا يجب ان تتجاهلها الدولة ولاسيما أن الحكومة تتعامل معهم بقدر كبير من الإهمال و التجاهل و النسيان , و حرم عليهم أن يتقلدوا المناصب القيادية او الحساسة بالدولة او يلتحقوا بالكليات العسكرية و كأنهم غير مواطنين بل وهناك من يعتبر البعض منهم عملاء مزدوجين .

ويبدو ان معاهدة السلام أيضا كانت سببا في حرمان أهل سيناء من فرص التنمية فسيناء بها مجالا واسعا للمشروعات التي يمكن أن تساعد على التخفيف من مشاكل البطالة والتكدس السكاني بالمدن الرئيسية ويمكن استغلال سيناء التي تقع على البحر الأحمر و البحر الأبيض والتي تحوي معادن من بينها اليورانيوم و التي كان يمكن أن يقام بها محطات لتحلية مياه البحر او محطات كهرباء تعمل باليورانيوم و يفتح بها الجامعات و المدارس ولكن ترك أهلها يعيشون في الجبال و يحملون السلاح للدفاع عن أنفسهم ويزرعون المخدرات و يتاجرون فيما تبقى من مخلفات الحرب .

إن التقرير الذي أصدرته منظمة هيومن رايتس واتش منذ بضعة أشهر عما يحدث في سيناء به أحداث مفجعة و مؤسفة عن الممارسات القمعية للسلطات ضد بدو سيناء و كان لا بد للمشايخ والقبائل التي أهين رجالها و نساءها من المواطنين وانتهكت حرماتهم أن ينتقموا لشرفهم و لكرامتهم فكانت بداية العلميات الانتقامية والمبنية على الفعل ورد الفعل .

وجدير بالذكر أن هناك أسباباً أخرى ومنها أن إسرائيل تهدف من شيوع الإرهاب في سيناء إلى الإيحاء بأن الفراغ الأمني ملأه الإرهاب في سيناء ، وهو خطر على أراضيها مما يدفعها إلى اقتراح التعاون مع مصر والولايات المتحدة فتصبح سيناء مسرحاً للحملة الأميركية وحلفائها لمكافحة الإرهاب بما يمكن إسرائيل من السيطرة عليها ضمن هذا الإطار، وليس عن طريق الغزو والاحتلال .

وتعتبر مدينة دهب المنتجع المفضل للإسرائيليين الذين يصلون إليها بالآلاف وبعضهم مقيم فيها بشكل دائم , ويعود ذلك لعدة أسباب منها رخص الأسعار مقارنة بالمنتجعات الأخرى ، وتوفر كثير من الممنوعات وخصوصا الحشيش، وعدم وجود كثافة سكانية يمكن ان تسبب إزعاجا، ووجود خدمات محببة للإسرائيليين خصوصا الشرقيين منهم مثل الحمامات التركية، وشعورهم بالأمان النسبي في هذا المكان .

ويتمتع الإسرائيليون بقضاء إجازاتهم وإقامة حفلات ليلية خاصة على الشواطئ يمارس فيها الجنس الفردي والجماعي , ووفقا لما تنشره الصحف الإسرائيلية، بين الحين والأخر، فان سمعة سيناء كأرض للجنس المختلف والشبق ، تجعل الإسرائيليين يشدون الرحال لها، غير عابئين بالتحذيرات التي تطلقها أجهزتهم الأمنية من إمكانية استهدافهم بعمليات إرهابية .

وينقسم الإسرائيليون الذين يقصدون سيناء إلى عدة أقسام، منها شبان وشابات يذهبون للتعارف، ثم يعودون إلى إسرائيل للزواج ، والعودة الى سيناء مرة أخرى لقضاء شهر العسل ، وأيضا يذهب الإسرائيليون في مجموعات الى سيناء لممارسة الجنس الجماعي، ويعيشون فيها حفاة عراة مما يدفع غيرة البدوي السيناوي الى الانتقام وخصوصاً أن هناك بوادر صحوة دينية بين ابناء بدو سيناء .

الأمر الذي يجعلنا بحاجة الى المزيد من القراءة والتحليل لندرك الإجابة على سؤال: هو مازال ماثل أمامنا: الإرهاب في سيناء هل هو بداية أم نهاية؟

مصطفى بن محمد غريب
الينوي – شيكاغو

صحيفة الحقائق اللندنية 03-05-2006م   





No comments:

Post a Comment