إرهاب
يطل برأسه عبر سارية العلم
لقد
أدى العمل الإرهابي الجبان الذي تعرضت له القنصلية الأمريكية في جدة قبل أيام الى
مصرع عدد من المواطنين والمقيمين وهي عملية إرهابية بكل المقاييس , وهو تأكيد من
جديد على أن المجرمين لا يراعون حرمة دين ولا وطن ولانفس بريئة وقبل ذلك حرمة
المقدسات الإسلامية .
ولقد
تعاملت قوات الأمن مع الحادث بكل ثقة وتصدت للإرهابيين وقتلت بعضهم وأسرت البعض
الآخر وهذا مصير وجزاء كل من تسول له نفسه زعزعة أمن وإستقرار هذه البلاد الغالية
على نفوسنا جميعاً وكان إقتحام القنصلية الأمريكية بمحافظة جدة دلالة قوية على
العجز التام واليأس الذي يشعر به الإرهابيين والفئة الضالة .
وتعتبر
العملية فاشلة بكل المقاييس وإلا فما فائدة إنزال العلم عن ساريته لبضع ساعات وما
الفائدة من بث الرعب في قلوب المواطنين والمقيمين والمستأمنين وأهل الذمة وما
الفائدة من إستغلال بعض الثغرات الأمنية عند دخول سيارة تابعة للقنصلية الى مبنى
السفارة ليقوموا بعملية إنتحارية .
ومن
المعروف أن الدين الإسلامي الحنيف يحرم الإنتحار بكل أشكاله فقد أضروا بلادهم
وأنفسهم ومن سلبيات هذا العمل بث نوع من العداء بين الأمم في الوقت الذي نحن بأشد
الحاجة لتوحيد الصف والتكاتف لتغيير الصورة الذهنية السلبية عن المسلمين ولاسيما
أن المسلمين أصحاب حق ودعاة سلام .
الكل
يعلم أن حراس هذه المنشآت هم من أبناء الوطن وقتل أبناء الوطن يعتبر من المحرمات
والدم الوطني غالي يجب أن نحرص عليه لا أن نفرط فيه , وما ذنب الموظفين الذين
يؤدون أعمالهم داخل القنصلية والمراجعين من المواطنين والمقيمين الراغبين في
الحصول على تأشيرات دخول للولايات المتحدة الأمريكية لغرض الدراسة أو العلاج أو
القيام بأعمال تجارية تخدم مصالح الوطن ؟
إن
إستمرار وجود أعمال إرهابية يدل على إستمرار وجود فئة ضالة تحمل فكراً منحرف ينبغي
تقويمة ومقاومته بكل الوسائل المتاحة حتى لايعتقد أصحاب هذا الفكر المنحرف أنهم
حققوا أدنى مكسب , ومن الطبيعي أن تقوم السلطات الأمنية بالتعامل معهم بكل جدية
وحزم ومهنية لحصار الإرهابيين والقضاء عليهم .
والسؤال
ماهو ذنب القتلى والمصابين من هذا العمل الإجرامي والإرهابي ؟ إن الإرهابي الذي
يقوم بمثل هذا العمل الجبان يثير الرعب في نفوس الناس ويؤدي الى إرباك وتعطيل الأعمال
التي نحن بأشد الحاجة اليها لنبني هذا الوطن ونعطي صورة حسنة عن الإسلام والمسلمين
.
لقد
أربك هؤلاء الإرهابيين حياة الناس في منطقة الحادث وخصوصاً المستشفيات رغم أن هناك
مرضى هم بأمس الحاجة الى العلاج والخدمات الطبية وهو نوع من العبث , لإشاعة الفوضى
وإضاعة لوقت العاملين الذين يؤدون واجبهم تجاه الوطن والمواطن والمقيم وبهذا العمل
أيضاً لم يسلم المرضى من الآثار السلبية السيئة نتيجة لما قامت به هذا الفئة
الضالة .
إن
إشاعة الفوضى والذعر في محيط القنصلية الأمريكية والمباني المجاورة لها من مدارس
أطفال ومستشفيات هو الإرهاب بعينه , وماهو ذنب أكثر من ألفي طالب وطالبة من
الأطفال في مختلف المراحل التعليمية الذين كانوا يرتعشون خوفاً ويتصببون عرقاً من
هول ما رأوا وقيام أولياء أمورهم بسرعة الحضور للمكان لإجلاء أطفالهم إنه مشهد
درامي حقيقي .
إن
إلقاء المتفجرات على أي جزء من تراب الوطن هو محاربة للوطن وإفساد في الأرض فمتى
تعود هذه الفئة الضالة الى رشدها وتعمل لخدمة الوطن وبناءه وليس تدميره إن الأموال
التي تنفقها الفئة الضالة على شراء السلاح لايخدم إلا مصالح أعداء الأمة وأهل هذه
الفئة وعائلاتهم أحوج الى المال الذي ينفق في طرق غير مشروعة .
إن
إحراق المباني أيضاً هو خسارة للوطن ونوع من الأعمال الإرهابية فهو ملك للمواطن أو
للدولة فالإعتداء على أملاك المواطنين وأملاك الدولة نوع من الأعمال التخريبية وإن
الإعتداء على بشر موجودين في الموقع أي كان جنسهم أو لونهم أو دينهم هو إعتداء على
النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق .
ومما
يدل على قصور فكر هؤلاء الإرهابين أن يتم إقتحام قنصلية تبلغ مساحتها أكثر من مائة
الف متر مربع وهم نفر قليلون للقيام بأعمال شريرة ضد ممتكات الوطن مما يدل على
أنهم يلقون بأيديهم الى التهلكة التي نص عليها القرآن الكريم { و لا تلقوا بأيديكم
إلى التهلكة } .
إن
مثل هذه الأعمال لن ترهب البعثات الدبلوماسية ولن يؤثر على سير حياتهم صحيح أنهم
شعروا بالحزن مما رأوا وسمعوا ولكنهم أكدوا على أن مثل هذه الأعمال تضر بالإسلام ،
وتلك هي الحقيقة الغائبة عن أذهان من يقوم بمثل هذه الأعمال حتى الآن بإسم الدين ,
وأكدوا أيضاً أن العديد من الأجانب المقيمين على أرض السلام والإسلام من أفراد
الجاليات الأجنبية إعتنق الإسلام وهي مفخرة لبلاد المسلمين .
والسؤال
الذي يطرح نفسه الآن هو ماهو السبيل الى تغيير فكر هؤلاء الشرذمة الضالة المنحرفة ؟
وهنا
ينبغي حث رجال الفكر والمثقفين ورجال الدين أن يستمروا في جهودهم للمساهمة في
تغيير هذا الفكر الضال المنحرف . وأن المتعاطفين مع هذا الفئة الضالة ينبغي التصدي
لهم بكل قوة وحزم فهم يسيئون الى الإسلام والأمة كلها قبل ان يسيئوا الى أنفسهم .
وينبغي
على وكالات الأنباء والفضائيات الإخبارية التي تتناقل الأحداث أن تكون موضوعية في
نشر الأخبار وأن تتوثق من المعلومات التي تحصل عليها حتى لاتخدم أهداف هذه الفئة
الضالة .
ويرى
بعض المحللين السياسيين أن مثل هذه العمليات الهدف منها هو ضرب العلاقات السعودية
الأمريكية ولكن وعي القيادتين في البلدين يفوت الفرص على هذه الجماعات مما يزيد
التعاون بين البلدين للقضاء على الإرهاب.
إن
مثل هذه العملية وإن كان تأثيرها محدوداً إلا أنها ألقت بظلالها على أسعار النفط
الذي إرتفع في بورصتي لندن ونيويورك وصعدت الى أكثر من دولار فهذا له أثاره
السلبية على الإقتصاد العالمي وبالتالي يستطيع أعداء الأمة من تأجيج حدة الصراع ضد
المسلمين في كل مكان والذين أصبحوا ضحية من غير ذنب إقترفوه .
وأخيراً
ينبغي أن نشيد بسرعة تعامل قوات الأمن السعودية مع الفئة الضالة , وإن السيطرة على
العملية في بدايتها لهو شهادة لرجل الأمن الذي يضحي بروحه ودمه لخدمة هذا الوطن
وإن إلقاء القبض على أي من هذه الفئة الضالة سيمكن السلطات المختصة من التعرف على
من يقومون بالتخطيط ويتزعم هذه الجماعات وهو بداية الطريق في سبيل القضاء عليهم
بإذن الله لأنها زعامات مفلسة مازالت تحقد على البلاد وأهلها وقادتها المخلصين . وإن
كان هذا الهجوم الجبان يؤكد أنه مازال علينا القيام بالعديد من الأعمال ونحتاج الى
سنوات للسيطرة على هذه الجماعات , رغم أن الأوضاع في تحسن مستمر في سبيل القضاء على
هذه الفئة الضالة الباغية حتى ترى الحق وتتوب الى الله أو تقتل أو تنفى من الأرض .
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
مصطفى بن محمد غريب
المملكة العربية السعودية – الرياض
No comments:
Post a Comment