Thursday, August 8, 2019

متى نسمع عن مبادرة عربية لتطوير المخيمات؟



متى نسمع عن مبادرة عربية لتطوير المخيمات؟

من المفروغ منه الآن أن جميع مبادرات السلام بخصوص القضية الفلسطينية لم تحقق أهدافها سواء منها العربية أو غير العربية ولازالت حالة من الضياع والتردد والحيرة تنتاب العالم العربي ولاسيما أن شارون قد فرض عليها وعلى البيت الأبيض شروطه للانسحاب من قطاع غزة والذي لازال يماطل ليكسب مزيداً من الوقت وخصوصاً بعد التأجيل الأخير لمدة ثلاثة أسابيع إن صدق.
والغريب في الأمر أن مؤتمرات القمة لازالت تؤكد على مبادرة السلام العربية التي استبدلتها الولايات المتحدة الأمريكية واللجنة الرباعية بخارطة الطريق، في الوقت الذي لاتزال القمم العربية تدعمها على أنها الإنجاز الرئيسي إن لم يكن الوحيد على الصعيد العربي ولقد عبرت الأوساط العربية بالإجماع عن تأييدها لهذه المبادرة التي حظيت في الوقت نفسه بتأييد متزايد من قبل دول الإتحاد الأوروبي والكل يعلم أنه لا مجال لتحقيق أي تقدم طالما هناك محور أقوى في التأثير على التطبيق وهو المحور الإسرائيلي والأمريكي.
ولقد كان من المفيد أن يقدم العرب للعالم رؤية متزنة وواقعية لتحقيق السلام في المنطقة العربية ولا أقول منطقة الشرق الأوسط وإذا كان الهدف من هذا السلام هو إنهاء حالة الحرب والعداء بين الدول العربية وبين الدولة العبرية وطالما أن هذا السلام هو لتحقيق قيام دولة فلسطينية ودولة يهودية يعيشان بسلام.
وإذا كان هذا السلام هو من مصلحة الفلسطينيين والعرب قبل غيرهم فلماذا لا تقوم هناك مبادرة عربية لتحسين أحوال الفلسطينيين في المخيمات كمرحلة انتقالية يتم تهيئتهم فيها للعودة الى أراضيهم كما وعدتهم الدول العربية منذ العام 1948م بأن العودة قريبة ولايبدو حتى الآن أن هناك أمل بالعودة ولكن التفاؤل من الإيمان لعل أن يكون هناك جدوى من الحلول السلمية.    
وليكن من أهم أهداف هذه المبادرة هي القضاء على الفقر والجهل والمرض وتأمين الحياة الكريمة للاجئين الذين طال انتظارهم وهم يحلمون بالعودة على أن يتم تهيئتهم بقبول أي حلول سلمية بعد أن تم تجريب الضغط عليهم حتى يقبلوا بأي حلول وحتى يتخلص العالم العربي من حالة فقد الثقة بالقيادات الإسرائيلية التي أدت الى فقد ثقة الشعوب العربية بقياداتها في كثير من الدول حتى أصبحت قرارات مؤتمرات القمة محفورة في الذاكرة لا تغيير فيها ولاتعديل وخصوصاً فيما يتعلق بالتوطين.
وطالما أن إسرائيل اعتادت الرد على كل تنازل عربي بتشديد الضغط العسكري والسياسي على الشعب الفلسطيني الذي أصبح ينظر بعين الشك الى أي مبادرة سياسية عربية سلمية ويعتبرها نوعاً من التغطية على موقف الضعف والعجز العربي لاغير وحتى نتخلص من كل هذه العقد لابد من قيام مثل هذه المبادرة التي ستحقق إنجاز عربي على صعيد تحسين أحوال المخيمات التي تعاني من الويلات.
ولاسيما أنه بعد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ومعاهدة وادي عربة مع الأردن حققت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تحييد لهذين النظامين على الأقل في حربها ضد الفلسطينيين وتجاوزت جميع الحدود والمبادئ الأخلاقية والقانونية المعترف بها عالمياً وليس ذلك فقط وإنما أضعفت كل مبادرة وحققت نتائج من ضمنها افتتاح مكاتب تجارية لها في كثير من الدول العربية.
وليس غريباً في هذه الحالة أن ينتشر الإرهاب في كل مكان من عالمنا العربي وغير العربي وليس المقصود من مطالبتنا بمبادرة جديدة لتحسين معيشة الفلسطينيين في المخيمات هو التقليل من قيمة المبادرة العربية ولا من المكاسب السياسية والدبلوماسية العديدة التي يمكن أن تقدمها للقضية العربية ولكن من أجل تحقيق جزء من أحلام قاطني المخيمات ولاتعتبر هذه دعوة مبطنة للتوطين ولكن دعوة لتحسين معيشتهم قبل عودتهم وليس ذلك يعني إسقاط لحق العودة.   
ولن تضير هذه المبادرة العرب بل ستظهر استعدادهم في مد يد العون لإخوانهم الفلسطينيين حتى يتم تلطيف الأجواء السياسية لإطلاق التسويات التاريخية وتقديم التنازلات المؤلمة في سبيل التوصل إلى السلام وضمان الأمن والازدهار لشعوبهم وشعوب المنطقة بأكملها.
ولن يعتبر هذا الكلام تراجعاً تكتيكياً أو إستراتيجيا عربياً عن مبادرتهم ولكن يعتبر ذلك من باب حسن النوايا لتحسين معيشة هؤلاء البشر فليس من المعقول والمقبول أن يبقوا في مخيمات الى أن يتكرم عليهم من سلب ارضهم أن يعيدها إليهم ولكن هو نوع من تعديل وتطوير في المواقف العربية التقليدية منذ عام 1948م.
هذه المواقف المتقدمة والمتطورة ستعزز التوازن في الهجرة اليهودية الى فلسطين ليعيشوا في مستعمرات على أحدث طراز ويبقى الفلسطينيين في مخيمات من أسوأ طراز هذا التوازن سيعيد لهذا اللاجئ الثقة في نفسه وفي قيادته وفي الزعامات العربية بشكل عام ويعطي مؤشر قوي لتنفيذ حقوق الإنسان.
وهذا أيضاً سيعطي مؤشر قوي وبشكل واضح وصريح أن العرب لن يتخلوا عن إخوانهم بدل التلويح بالتنازلات للرأي العام الإسرائيلي وتعريفهم بمكاسب السلام ولكن ذلك سيكون رداً مناسباً على التحدي الذي تمارسه حكومات إسرائيل المتعاقبة على الشعب الفلسطيني.
إن قيام مشاريع إسكان في مكان هذه المخيمات سينعش الدورة الاقتصادية في البلدان التي تتواجد على أراضيها هذه المخيمات وهو الرد السلمي والمقبول ويعتبر تأكيد ضروري للاحتفاظ بتأييد الرأي العام العالمي وهو مهم من زاوية التفكير الإستراتيجي ومن منظور المدى الطويل بدلاً من الهجرات الفلسطينية المتعاقبة الى العالم الغربي وقدوم مهاجرين يهود الى المنطقة العربية.
وهي أيضاً تعتبر دعم سلمي اقتصادي وضمان استمرار مقاومة الشعب الفلسطيني وانتصاره السياسي وأيضاً يعتبر دعم لمصداقية الزعماء العرب أمام شعوبها حتى لا تصبح في نظر هذه الشعوب ضالعة في مؤامرة الصمت العالمية المستمرة أو مؤامرة الكلام الذي لا يحقق أي نتائج على الأرض.
إن مبادرات السلام ينبغي أن تبدأ من هذا الطريق وهي خيارات عملية لحماية الشعب الفلسطيني الأعزل بل وهجرة معاكسة للفلسطينيين للعودة الى النظام العربي والأرض العربية التي تتسع لملايين البشر والتي تنادي الدول المتقدمة مثل أستراليا وكندا للهجرة إليها وفتح باب العمل لهم لعمارة الأرض التي نادى بها ديننا الحنيف.
وسنجد أن المبادرة العربية هذه هي التي يتطلع الرأي العام العربي والفلسطيني منه بشكل خاص إليها بل وينتظرها اللاجئون بفارغ الصبر فهي التي ستحقق لهم طموحاتهم لقهر الجهل والفقر والمرض قبل قهر إسرائيل فهي التي ستعزز مقاومة الشعب الفلسطيني وتمكنه من مواجهة الهجرات اليهودية المتعاقبة الى أرض فلسطين ابتداء من حقبة بن غوريون الى حقبة شارون.
وينبغي أن تراعى في هذه المبادرة  المحافظة وضمان حقوق الدول التي يوجد بها مخيمات فلسطينية وما أقصده هنا أن تتضمن المبادرة نص صريح على أنها ليس إعادة لطرح الوطن البديل الذي تنادي به إسرائيل ولكن لتجنب قيام وطن بديل وحماية لهذا الشعب من  محاولات الطرد أو تسهيل الهجرة لهم الى خارج المنطقة العربية وإنما هي إعادة لتنظيم وجودهم على أساس شرعي عالمي جديد وبداية للقيام بخطوات عملية حقيقية لدرء خطر قيام وطن بديل وحماية لكيان الدول التي يتواجدون على أراضيها ومنعاً لقيام حروب أهلية مستقبلية عند أي اختلالات سكانية أو مظاهرات شعبية أو نعرات طائفية .

ولاسيما ان هناك دعوات عربية تحذر من الوجود الفلسطيني على أراضيها وتطالب بعمل المخططات اللازمة لمواجهة أي احتمالات وخصوصاً على المدى الطويل ومن نسبة تزايد سكان المخيمات التي تعتبر من أفضل البيئات لقيام حركات تمرد شعبية التي ستؤدي في النهاية الى حروب أهلية وقد سبق وأن حدثت في الأردن وحدثت في لبنان أو قد تتكرر على شكل انتفاضة كالتي ماتزال مستمرة في الأراضي المحتلة.

إن موضوع اللاجئين والنازحين معقد، لدرجة يحتم أن تطرح له مبادرة قبل أن يترك الى مفاوضات الحل النهائي التي تبدوا من شكلها أنها لانهائية والأمر الذي أبرز دعوات من الدول التي تتواجد المخيمات على أراضيها بعدم الوقوف مكتوفي الايدي، إلى حين اقامة دولة فلسطينية والى حين أن يقرر الفلسطيني البقاء أو عدم البقاء. أو تركه للمفاجئات التي ستنجم عن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية والتي من المحتمل أن يتنازل فيها الفلسطينيون عن حق العودة، كما روجت لهذا الموضوع بعض المبادرات غير الرسمية وبرعاية وتمويل من بعض الدول الغربية.


ان مراقبة التطورات في الأراضي الفلسطينية، وتطورات العلاقة الفلسطينية الاسرائيلية لا يبشر بأي حـل في المدى المنظور، وإذا جاء الحل فإنه سيكون على حساب بعض الدول التي يتواجد اللاجئون على أراضيها، ولأسباب عدة.

مصطفى بن محمد غريب
الولايات المتحدة – روشستر مينسوتا

No comments:

Post a Comment