دور الإعلام الصهيوني في الحرب الإعلامية
يقوم الإعلام بدور هام للتأثير
في الرأي العام ولهذا قامت الدعاية الصهيونية بمحاولات رسمية للتأثير على الشارع
العربي والرأي العام العالمي ولاسيما أن إسرائيل هي القوة الأكثر تنظيماً في
المنطقة العربية وذات الأجندة الأكثر وضوحاً، وشارعها أقل تعرضاً للإعلام العربي الذي
يحاول أن يقوم بأدوار منهجية ابتدائية ولهذا نرى التفوق الإعلامي الصهيوني الذي
يمتلك وسائل إعلامية متطورة .
الفضائيات الصهيونية لا تقابل
ناطقين رسميين عرباً، والصحافة الإسرائيلية تمنع ترجمة مقالات كاملة من الصحافة
العربية إلى العبرية لأنها لا ترغب وتعتقد أنه من غير المنطقي أن يتحول القارئ
الإسرائيلي بشكل عام إلى خبير في الشأن العربي , لأنها تخوض حرباً إعلامية ضد العالمين
العربي والإسلامي.
وهذه الحرب تعتمد على علم
الإعلام والعلوم الأخرى المتفاعلة معه كالاجتماع والنفس والسياسة لتضمن فعالية
الرسالة الإعلامية , وبرنامجها السياسي دائما يؤكد على شرعية الاحتلال الصهيوني وإرهابية
المقاومة بكل الوسائل لتعطي برنامجها الاعلامي دفقاً وحيوية وبدونه يصبح خالياً من
المضمون ودليلاً تستند الدعاية الصهيونية إليه لإثبات عجز العالم العربي وضعف
قدراته.
وتعتمد الدعاية الإعلامية الصهيونية
على مبدأ التضليل بصفة عامة، ومن خلال الاختصار والاختزال والاعتماد على الإبهام
والغموض والتلاعب بالألفاظ حتى لايعتقد المتلقي أنه إعلام كاذب فالأكاذيب غير
مباشرة .
وتؤكد الدعاية الإعلامية الصهيونية
على أن الجماعات اليهودية هي في واقع الأمر أمة يهودية واحدة لابد من جمع شمل
أعضائها لبناء الدولة اليهودية القوية وهي تركز على يهودية الدولة أي أنها ليست
دولة لمواطنيها وإنما هي دولة لليهود فقط من مواطنيها وتلتزم الصمت الكامل حيال
العرب لتغييب دورهم وتعمل جاهدة لتشويه صورتهم إن كان ثمة ضرورة لذكرهم وللأسف بعض
الفضائيات العربية تبنت ذلك الموقف من خلال التأكيد على العجز العربي والضعف
العربي والتناحر العربي والخلافات العربية بل اعتبرت الصراع يهودي فلسطيني وليس
عربياً إسلامياً يهودياً .
ومن الموضوعات الأساسية التي
تطرحها وسائل الإعلام الصهيونية قضية البقاء وأمن دولة إسرائيل في مواجهة الجماعات
الإرهابية وبدأ يطل علينا مصطلح التدخل الإقليمي ودائماً ما تؤكد إسرائيل على أنها
تحارب الإرهاب وتدافع عن نفسها ولهذا فهي تسمي جيشها بجيش الدفاع الإسرائيلي وتؤكد
على أنها ليست دولة معتدية بدليل محافظتها على معاهدات السلام التي تم الاتفاق
عليها بينها وبين بعض الدول العربية ولهذا فهي تحاول الحفاظ على بقائها وأمنها وتوهم
الرأي العام بأنها ترغب في السلام ولكنها حقيقة لا تعمل من أجل السلام فالاغتيالات
والإجتياحات والقصف الجوي والحصار ماهي إلا أشكال متعددة للقضاء على الشعب
الفلسطيني ثم تستعد للانقضاض على الدول العربية المجاورة لتحتل مزيد من الأراضي
لتحقيق الأطماع الصهيونية .
إن حرب تموز 2006 ماهي إلا شاهد
على رغبة إسرائيل في إستخدام كل الوسائل التدميرية الممكنة ضد العرب وفي تلك الحرب
قامت أمريكا بالإمدادات العسكرية لإسرائيل من خلال جسر جوي يسابق الزمن لتدمير
البنية التحتية في لبنان , كما أن أمريكا عطلت جلسات مجلس الامن لإصدار قرار بوقف
إطلاق النار من أجل منح إسرائيل مزيداً من الوقت للقضاء على المقاومة اللبنانية
ولكنها فشلت , أما الطلعات الجوية المتكررة والتحرش بسوريا وتهديد إيران بضرب مفاعلها
النووي والتحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية لهو أكبر دليل على نظريتها
التوسعية المدعومة من القوى الامبريالية , وتختلف طبيعة هذا البقاء من حقبة لأخرى
وحسب موازين القوى.
كما تركز الدعاية الصهيونية من
خلال شبكة واسعة من الدوريات الصهيونية في أنحاء العالم كافة على الحقوق التاريخية
المطلقة للمستوطنين الصهاينة، مع الإغفال المتعمد لحقوق السكان العرب أصحاب الأرض
الأصليين.
وطورت الدعاية الصهيونية رؤية
مزدوجة للمستوطن الصهيوني , فبقاؤه مهدد دائماً من قِبَل العرب، ولكنه في الوقت
ذاته قوي للغاية إلى درجة أنه لا يمكن أن يهدده أحد، فهو قادر على البقاء وعلى سحق
أعدائه وضربهم في عقر دارهم.
ويؤكد الإعلام الصهيوني على أن
"إسرائيل" واحة للديمقراطية الغربية في وسط عالم عربي متقلب وهذا يدخل
في إطار الدعاية الصهيونية الموجهة للغرب عموماً وللعرب خصوصاً ويأتي ذلك في إطار
الحرب النفسية، والتي تهدف إلى تحطيم معنويات العرب، بل تحطيم الشخصية القومية
العربية، وغرس مفاهيم مثل "جيش الدفاع الإسرائيلي الذي لا يقهر" ولكنه قهر
في حرب أكتوبر عام 1973 بين مصر والكيان العنصري الإسرائيلي وفي حرب تموز عام 2006
بين لبنان وجيش الاحتلال الإسرائيلي وكذلك الانسحاب من قطاع غزة تحت ضربات
المقاومة الشعبية والإسلامية في فلسطين.
وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح
إذ لا يمكن لإسرائيل أن تنعم بالسلام والتطبيع والعلاقات العادية مع الشعوب
العربية بدون أن يعود الحق العربي والفلسطيني لأصحابه وينتهي الاحتلال الغاشم
للأراضي العربية.
مصطفى
بن محمد غريب
الينوي
– شيكاغو
No comments:
Post a Comment