Thursday, August 8, 2019
غزوة كوبنهاجن (الحلقة الثانية)
غزوة كوبنهاجن (الحلقة الثانية)
تعودنا في الح لقات التي نكتبها أن نلخص أهم ما جاء في سابقتها حتى
يستطيع القارئ أن يتابع ما قد سبق ويمكن تلخيص الحلقة السابقة كما يلي : توثيق
تاريخي لما نشر في صحيفة "يولاند بوسطن" من رسوم كاريكاتورية تتعرض
للنبي محمد صلى الله عليه وسلم , تفاعلات القضية ومطالبة العلماء بمعاقبة الصحيفة
وطلب تقديم اعتذار رسمي , تثمين دور الجهود الدبلوماسية التي سارعت بالرد , تعنت
الحكومة الدانماركية برفض الاعتذار حيث أنهم اعتبروا هذا العمل المشين هو من حرية
الرأي , رواية لبداية الأزمة , تزايد تداعيات الحدث داخل وخارج الدانمارك .
لم يقف الحد عند نشر هذه الصحيفة ولكن تبعها بعض الصحف الأخرى , تزايد
حملات الشجب والاستنكار من المنظمات والجمعيات الإسلامية والعربية في الدانمارك
وباقي دول العالم , وصف ما جاء في الرسوم الكاريكاتورية حتى تتضح الصورة لدى القارئ
, بدء المناداة بالمقاطعة والحرب الإعلامية , التذكير بعدد المسلمين في الدانمارك
ومدى معاناتهم وتجاهل حقوقهم , توقعات الكاتب بردود الفعل الغاضبة على ما حدث .
وفي هذه الحلقة سوف نضيف العديد من الأفكار التي تم تداولها في مختلف
الصحف العربية والعالمية كتعليقات على الحدث الجلل فالمسلمون يعتبرون إن التهجم
على شخص النبي يأتي في سياق الحرب على الإسلام سواء كانت بطريقة خفية بهدف إبقاء
مشاعر المسلمين ساكنة أو علنية لتأجيج المشاعر وهي في الواقع إسقاط لما يدور في
خيال الحاقدين على الإسلام ويريدونها أن تكون حرب في سلسلة الصراع الطويل الذي
يمارسونه منذ فجر الإسلام قال تعالى }
ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا
{[سورة البقرة: 217] .
فالآية مبينة للقاعدتين معاً حتمية الصراع (ولا يزالون يقاتلونكم )
وغايتهم من الصراع (حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا ) إذن لا بد ان يكون هذا
الامر واضح عند المسلم غاية الوضوح فمن يحاربك فهو يطاردك أو يقاتلك أو يفاوضك
إنما هدفه أن يردك عن دينك حتى يتسلل الخلل الى شخصك وأمتك ليغير اتجاه مسيرتها
.
والرسومات التي وردت في الصحيفة الدانماركية قد مست
كرامة ومشاعر المسلمين بالتجني على رسولهم المرسل من رب العالمين وفي السياق نفسه
نجد أن المسلمين تعرضوا للأذى والإهانة في كثير من الدول فالتعدي على حقوق المرأة
المسلمة وحجابها في دولة ما , وأظهرته بعض الصور المنشورة في الصحيفة المذكورة تأتي
ضمن حملة تم التخطيط والإعداد لها مسبقاً , كما أن تدنيس المصحف الشريف في أكثر من
مكان وتم نشره في أكثر من صحيفة له دلالات معادية .
وفي الصور التي نشروها عن النبي صلى الله عليه وسلم
صوروه كأنه زعيم الإرهابيين في نظرهم , ويعتبر الإسلام في نظر العديد من وسائل
الإعلام لديهم هو المعنى اللغوي الرديف لكلمة الإرهاب , والجماعات الإسلامية
المتشددة هي منظمات إرهابية كما يحلوا لهم وصف بعضها مثل حماس والجهاد والجماعات
الإسلامية في العراق بأنها منظمات إرهابية ولهذا فإنهم يخوضونها حرباً دينية
ولكنها تحت شعارات إنسانية وبمسميات جديدة وينبغي على العاقلين فضحها وتبيين
دلالاتها فالحرب ضد الإرهاب تم إلصاقها بالمسلمين ليتم وصفهم بالإرهابيين ومن ثم
تعلن الحرب عليهم .
ألم يصرح رئيس إحدى الدول أن حربه مقدسة وصليبية
وأن "الرب" هو الذي أرسله وفي بعض الدول وغيرها يعتبر الحجاب هو شعار
الإرهاب وهنا يتساءل أحدهم بالقول لماذا لا يكون هناك لجان تابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي تتابع إعلاميا وثقافيا
وسياسيا مثل هذه الحملات ؟ التي يبدو أنها بدأت تأخذ منحى وشمول الحرب المنهجية
المؤسسية التي لا يجوز أن يكون الرد عليها إلا منهجيا ومؤسسيا ومكافئا لها في
القوة والمقاومة ومضاد لها في الاتجاه .
أما الآخر فيوجه التساؤل التالي لماذا لا نستطيع أن
نحرك المحكمة الدولية وهيئة الأمم لإيقاف مثل تلك الإهانات بحق الشعوب والدول
الإسلامية ؟ , ويتساءل ثالث بالقول لماذا لا يتحرك البرلمانيون الإسلاميون للدفاع
عن دينهم ممثل في الإهانات ضد رسول الإنسانية ؟ , ويتساءل رابع بالقول أين دعاة
حقوق الإنسان؟ ويتساءل سادس بالقول أين دعاة السلم العالمي؟ .
ويتساءل سابع مندهشاً أين مؤتمرات الحوار والتقارب
بين الأديان؟ , ويتساءل ثامن مستغرباً أين الملحقيات الثقافية لسفارات ست وخمسين
دولة إسلامية من هذه القضية التي تعتبر ثقافية من الطراز الأول؟ ويتساءل تاسع
مستهجناً أين قادة الفكر "العربي والإسلامي"؟ وآخرهم قال وتعلوا وجهه
الحيرة ويعتصر قلبه الألم متعجباً بالقول هل تتذكرون يوم هدمت تماثيل بوذا كيف
تحرك لها المجتمع الدولي ومجلس الأمن وحتى دول إسلامية ورموز علمية !!! .
وقبل أن نودعكم توقفت كثيراً عند تلك العبارة
المقتبسة } الدنمارك، وما أدارك ما الدنمارك، التي تشير
دراسات علمية إلى احتمال انقراض شعبها خلال نصف قرن { فهل هناك علاقة ذات دلالة علمية أو دينية
ستؤدي الى غزوة كوبنهاجن ؟ وهل ستكون من
الداخل أم من الخارج ؟ وأنتم أيها القراء على موعد مع الحلقة الثالثة قريباً .
مصطفى بن محمد غريب
الينوي – شيكاغو
صحيفة الحقائق اللندنية 30-01-2006م
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment