من يقول " إفتح ياكارني إقفل ياكارني " ؟
يعتبر معبر رفح الحدودي الممر الوحيد الذي يصل سكان قطاع غزة، بالعالم الخارجي، وهناك
ثلاثة أطراف تعمل في هذا المعبر على خلاف
أي معبر آخر في هذا الكون الفسيح فجميع المعابر تتحكم فيها طرفين ولكن هذا المعبر حالة شاذة فالمتحكم فيه طرف واحد وهي
إسرائيل والذي يعمل فيه ثلاث جهات وهي إسرائيلية فلسطينية مصرية والجميع يعرف
لماذا تصر إسرائيل على السيادة على الحدود وهذا يدل على أن الإحتلال سيبقى طالما تتحكم
إسرائيل في الحدود وقد يصدق على الدولة الفلسطينية القادمة هي فقط دولة حكم ذاتي لا أقل ولا أكثر وسيبقى الإحتلال
جاثماً على الأرض ليصبح أول قوة غاشمة، من
نوعها، على مر التاريخ، تحبس الناس بالملايين، في مساحة جغرافية، يمكن تشبيهها
بالمحميات الطبيعية التي يرتع فيها الإنسان من جنس الحيوان بالمفهوم الصهيوني .
وتم تقسيم
فئات البشر حسب الفئة العمرية الى فئتين
أ- فئة أكبر من 35 عام
وهذه الفئة في الغالب لاتواجههم مشكلة من الجانب الإسرائيلي إلا
عند الإغلاق الكامل لهذا المعبر لظروف أمنية ولكن فيما عدا ذلك فتكون المشاكل من
الجانب العربي فهو الذي الذي يوافق أو لايوافق لهم بمواصلة العبور الى الأراضي العربية
إما لزيارة قريب أو لرحلة علاجية أوسياحية أو للقيام بتجارة وهناك من المآسي التي
وقعت على الجانب العربي من الحدود والسبب مشترك إسرائيلي عربي فالكثير من
الفلسطينيين لم يعودوا الى منازلهم إلا جثامين وهذه قصة المواطن الفلسطيني محمد حمدان
مصطفى الشاعر الذي ظل ينتظر الفرج أياما طويلة
لكي يتمكن من عبور معبر رفح إلى مدينة رفح الفلسطينية وتوفي في الجانب العربي من
الحدود بسبب أزمة قلبية ألمت به وحتى الآن لايوجد مستشفيات تعني بمثل تلك الحالات
ولم يتمكن هذا المواطن من العبور وهو حي ولكن وهو ميت من خلال نعش .
ب- فئة أصغر من 35 عام
وهذه الفئة تقوم إسرائيل من حين لآخر بفرض قيود عليهم ومنعهم
من الخروج الى الجانب العربي أو الدخول من هذا الجانب ومن الغريب في الأمر أن
المسؤولين الفلسطينيين عن المعابر يبتهجوا طرباً وفرحا عندما تتكرم إسرائيل وتقرر
فتح المعبر ويدعي هؤلاء المسؤولين أن مشكلة منع الفلسطينيين ممن هم دون سن الخامسة
والثلاثين عبر معبر رفح قد إنتهت وهم يعلمون أن ذلك لن يستمر طويلاً .
وتبدأ التصريحات
إبتهاجاً بهذا الخبر لأن الجانب الإسرائيلي أبلغهم بذلك , ونبدأ بالضحك على أنفسنا
بوصف ذلك بالخطوة الإيجابية في إطار جملة من التسيهلات التي اتفق عليها الجانبين الفلسطيني
والإسرائيلي ولكن في الواقع أننا نستجدي ذلك
. ويبدأ التشديد عبر تصريحات صحفية على ضرورة ان يقوم الجانب الإسرائيلي بالعمل على
منح الفلسطينيين مزيداً من التسهيلات كإعادة فتح المعبر للعمل 24 ساعة متواصلة كما
كان الحال قبل انتفاضة الأقصى وعدم تحديد أعداد المسافرين وإنهاء مشكلة إجراء المقابلات مع الفلسطينيين أثناء
دخولهم وخروجهم . إلا أن هذه التصريحات فيها نصائح للفلسطينيين مثل أن من لديه أي
مشكلة أمنية مع الجانب الإسرائيلي أن لايسافر حتى لاتتخذ إجراءات من قبل
الإسرائيليين ضدهم فإذا كان الأمر كذلك فماهو الدور الذي يقوم به الفلسطينيين
أنفسهم .
وتتم المناشدة للجانب الإسرائيلي بمنح مزيد من التسهيلات
وتشغيل هذا المعبر وكافةالمعابر بكامل طاقاتها
لما له من فوائد إقتصادية تعود على القطاع والمعابر والسماح لعدد أكبر من
الفلسطينيين للعمل داخل الخط الأخضر .
ويمكن تقسيم هذه الفئة العمرية الى قسمين كما يلي :
يحملون إقامات أو جوازات سفر عربية
ونأتي على الجانب العربي من الحدود ونقوم بتحليل مايحدث وماهي
المعاملة التي يتلقاها أبناء فلسطين على الحدود في الطرف الآخر فمن يحمل إقامات
سارية المفعول في بعض الدول العربية كونهم طلبة يدرسون في فلسطين وذويهم مقيمون في
باقي الدول العربية ففي الغالب لاتوجد لديهم مشكلة إلا أنهم يعاملوا بطريقة
الترحيل أي من المعبر الى موانيء الحدود البرية أو البحرية أو الجوية ولايأتمنون
على جوازات سفرهم وإنما يقوم شرطي بتسليم هذه الجوازات الى موانيء الحدود حتى تتم
مغادرتهم فعلاً .
ولكن المشكلة الحقيقية هي للفئة التي إنتهت إقاماتهم ولكن
يحملون جوازات سفر عربية أخرى غير الوثيقة المصرية أو جواز سفر السلطة ويرغبون في
العودة الى ذويهم لتجديد إقاماتهم فهنا تقوم السلطات العربية بالسماح لهم على
إعتبار أنهم يحملون جنسيات أخرى ولاتستطيع منعهم في هذه الحالة ولكن يعانوا من
مشاكل إنسانية في التعامل وهنا نتساءل .
هل الجانب العربي لايتفهم المشكلة؟
هل الجانب العربي يتخوف من تخلفهم وتحمل أعباء ذلك ؟
هل من باب زيادة الضغوط وعدم رفع
المعاناة ؟
هل هناك
تنسيق مشترك مع قوات الإحتلال وأجهزته الإستخباراتية ؟
هل دخولهم
يشكل خطر على الأمن القومي العربي وهم أبناء هذا الوطن ؟
هل لاتوجد
من وراءهم منافع إقتصادية أو سياحية ؟
هل يعتقد الجانب
العربي أن من بينهم عملاء أو رجال مخابرات ؟
هل من أجل
عدم إحتكاكهم بقيادات عربية أو تنظيمات إرهابية ؟
لايحملون إقامات ولاجوازات سفر عربية
وهذه الفئة لاتسمح لهم السلطات لالدخول للجانب العربي بأي شكل من الأشكال وينطبق عليها نفس التساؤلات
السابقة .
وبعد هذا التقديم والتقسيم لا ندري هل سيهتم المجتمع الدولي
ومنظمات حقوق الإنسان بالأمر ويجرؤ أحد ما برفع مذكرة واحدة وترسل الى أولي الأمر وأصحاب
الحل والعقد في هذا العالم ويقال فيها أن هناك، في القرن الحادي والعشرين، وبسبب الجانبين
الإسرائيلي والعربي " أن هناك جنس بشري يحتاج الى حماية دولية موجود بين شقي بلدة
صغيرة، اسمها رفح يمر بأطول رحلة عبر التاريخ وهي أطول وأكثر مشقة وعذاباً من رحلات
مكوك الفضاء , ويتمنى كل من تضرر بمشكلة فلسطين أن يساهم في دعم برامج الفضاء
لتوطينهم في القمر حتى لايشكل أي منهم أي
خطر على أمن إسرائيل ".
وهل تناول كتّاب الصحف الغربية حتى ولو من باب النصح والمشورة
لأصحاب الحل والعقد سواء كانوا زعماء أوحكاماً أو مسؤولين تنفيذيين على سوء
المعاملة التي يعاني منها الفلسطينيين أو من باب تسليط الأضواء على الديموقراطية
العربية وإهتماماتها بحقوق الإنسان أو معاناة الفلسطينيين تحت حصار "ديموقراطية"
إسرائيل التي تدمر حقوق الإنسان .
وهل راقبت منظمات حقوق الإنسان العلاقة بين النظرية والتطبيق
وتابعت تصريحات المسؤولين ومن ضمنهم شارون وبين مايحدث على أرض الواقع وماهو موقف
الأمم المتحدة من القيود المفروضة على الفلسطينيين فهناك الملايين في الشتات وهناك
أكثر من ثلاثين ألف إنسان تنقطع بهم السبل عند معبر كارني ويفقدوا مصالحهم وحقهم الإنساني
في التنقل وبعضهم يفقد حياته وكل هذا
متوقف على كلمة واحدة من شارون عندما يقول " إفتح ياكارني إقفل ياكارني "
.
مصطفى بن محمد غريب
المملكة المتحدة – لندن
No comments:
Post a Comment