Thursday, August 8, 2019

الإرهاب العولمي بكفالة أوبدون كفالة


الإرهاب العولمي بكفالة أوبدون كفالة

قد يعجب المرء من دكتور جامعي يتبنى مبدأ التعميم من غير دراسة وفي هذا المقال سوف نفند بعض الآراء المتطرفة التي تتبنى الإرهاب الفكري الذي سينعكس بدوره على الأمن الإجتماعي فمثل تلك الأفكار غير الإيجابية تعبر عن إسقاطات حاقدة وفيها نكران للجميل وتعبث بمباديء طالما تغنى بها الشعراء قم للمعلم ووفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا ولكن هناك من يتبنى فكر الجاهلين حتى وإن كان من المتعلمين فمنهم من يقول قم للمعلم يا بني عجولا ...واضربه حتى يرتمي مقتولا .

هناك من كتب مقالاً بعنوان نحن محطة تجارب بل معهد عالمي للتدريب وبعد مقدمة حول الميكانيكي الذي تحول الى طبيب فقد تكون قصة واقعها ملموس ولايعني هذا أن يكون التعميم بأن كل ميكانيكي سيتحول الى طبيب ولهذا تأتي الإتصالات مستنكرة على من قام بمثل هذا العمل ونحن نطالب بإيقاع أشد العقوبة على من ينتحل العمل بمهنة سامية دون أن يحمل شهادة دراسية مهنية في ذلك .

ولكن ينبغي التحذير من تعميم الحادثة بالقول لأحد الكتاب مقتبساً بين قوسين " وإذا كانت الجرأة قد بلغت بالكثير أن يتحولوا من الورش إلى العيادات الطبية، فما بالك ببقية المهن التي لا تحتاج إلى معايير أو مواصفات معقدة " ولانحتاج الى براهين إضافية لنصب الزيت على النار في قضية السعودة التي حملناها أكثر مما تحتمل وخير دليل هو تفهم معالي وزير العمل بعد لقاءه برجال الأعمال في المجال الطبي وغيرها من المجالات وقناعة معاليه بتخفيض نسبة السعودة في بعض القطاعات كما لاننسى أن هناك قيوداً فرضت علينا بعد الإنضمام الى منظمة التجارة الدولية .

أما موضوع الكفالة ونقل الكفالة فسوف تكون في المستقبل القريب شيئاً من الماضي فينبغي أن لانعول عليه كثيراً فالمنافسة الحرة والشريفة هي المخرج الوحيد لتكافؤ الفرص في سوق العمل , أما موضوع الإبتكارات للهروب من المهن السوداء فهي تأتي من باب الحاجة أم الإختراع .

وفي مقالنا هذا نحب أن نوجه دعوة الى الباحثين ليتبنوا دراسات تثبت أو تنفي أن إستقطابنا الكثيف للعمالة الرخيصة يؤدي بالضرورة الى إستيراد ثقافة رخيصة موازية وبعد نشر نتائج الدراسات حول هذه الفرضية نستطيع الحكم من واقع دراسات وليس من واقع تخمينات وهذا هو الأسلوب العلمي لإثبات أونفي فرضية معينة وعلى الباحث أن ينحي جانباً أهواءه وإنفعالاته حول موضوع الدراسة والبحث الذي هو بصدده .

وتعقيباً على موضوع مكافحة الأمية في بلادنا ينبغي أن تكون المكافحة شاملة وليست مقصورة على المواطنين ولكن ينبغي أن تشمل المواطنين وغير المواطنين حتى لانضيف الملايين من الأميين من غير المواطنين ظانين بهم ظن السوء أنهم جميعاً أميون لايعلمون الكتاب إلا أماني , وإذا أردنا أن نكون من المنصفين فلنسأل أنفسنا عندما كنا في المدارس الإبتدائية وماتلاها المتوسطة والثانوية والجامعية من كان يعلمنا ؟ هل هم مواطنون أم وافدون ؟ .

أما موضوع القوانين والأنظمة فمن يكسرها هل هو الكفيل أم المكفول ؟ وهل هناك قوانين دون رقابة ومتابعة في التنفيذ ومن المسؤول عن عدم تطبيق القوانين في بلادنا ؟ وإذا كانت هذه العمالة الوافدة كلها شر فلماذا لانتخلص من هذا الشر المستطير حتى لانسمح لها بأن تسبح في الفوضى ونرضع سلوكها , وأما موضوع العقل الرخيص لايأتي ولايثمر فينا إلا ثقافة رخيصة فهذه فرضية بحاجة الى إثبات أو نفي حتى يكون الحكم علمياً لايستند الى الأهواء .

أما التجني بالقول " سبعة ملايين وافد أجنبي لا يقرأ فيها فرد واحد صحيفة أو كتاباً " فهذا ليس من حرية الرأي في شيء بل ينبغي الإعتذار عن هذا القول إذا أردنا أن نوصف بالإنصاف والعدل والإيمان ، ومن يقول " نحن نستورد مع هذه الفوضى تنمية رديئة رخيصة " فعلى من قالها النصيحة وعلى المسؤولين السمع والطاعة ومن يمسك القلم ويكتب فليعلم أن على كتفيه رقيب وعتيد  .

وإذا كانت هذه النهضة الشاملة التي نعيشها واقعاً ملموساً قد بنيت على قاعدة " مشوارنا التنموي أصبح مجرد محطة تجارب لتدريب هذه الملايين " فالحمد لله رب العالمين أن سخر لولاة أمرنا البطانة الصالحة التي تعينهم على الحق وندعوا الله أن يجنبهم البطانة الفاسدة التي لا تريد لهذه البلاد خيراّ . 

وحتى نكون منصفين علينا أن نبتعد عن التعميم ونتخلى عن العنصرية البغيضة التي نهانا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم , وعلينا أن نحارب الإرهاب الفكري كما نحارب الإرهاب الاجتماعي الذي تحدثه الجريمة وعصاباتها وقد تكون العصبية المنتنة أشد خطراً من الإرهاب العولمي بكفالة أوبدون كفالة .

مصطفى بن محمد غريب
الينوي  – شيكاغو

صحيفة الحقائق اللندنية 20-02-2006م


No comments:

Post a Comment