Thursday, August 8, 2019

الارهاب سيجعل العالم أكثر فقراً وأقل أمناً



الارهاب سيجعل العالم أكثر فقراً وأقل أمناً

هل سينتصر الإرهاب في الحرب على الإرهاب ؟ سؤال قد تبدوا الإجابة عليه لغزاً محيراً ولكن ينبغي إعادة التفكير في هذه العبارة من جديد فالحرب على الإرهاب نثر بذور الإرهاب من جديد ليشمل الكرة الأرضية بأسرها ولاسيما أن الإرهاب زادت وتيرته لتشمل كل بقعة في هذا الكون الفسيح .
ولم يستثن منها أي شعب على الكرة الأرضية رغم سعتها ولكنها تضيق الأرض بما رحبت على هذا الإنسان فالعداء مستحكم بين الحق والباطل ولكن من هو على حق ومن هو على باطل ؟ ولن يستطيع أحد الإجابة على هذا السؤال بكل شفافية إلا من كان محايداً وطالما أن الإنسان في هذا الكون لابد أن ينتمي الى فئة أو جماعة أو عرق أو وطن أودين , لذا لن تكون هناك إجابة إلا من خلال الكتب السماوية التي لم يطالها التحريف .
فالعودة الى الله تلهمنا الحق وهكذا جاءت الدعوة الى حوار الأديان لتتوافق فيما بينها على اسس الحق والدعوة إليه وتعريف الباطل ونبذه ومحاربته .   
ولن نستطيع إحصاء الخسائر المادية والبشرية منذ أن نشأ الإرهاب عوضاً عن قصور العقول البشرية في تعريف هذا الإرهاب التي لن تستطيع أن تجد تعريفاً شاملاً جامعاً متفق عليه . لذا لابد أن نستمد تعريف الإرهاب من خالق هذا الكون العظيم من خلال الكتب السماوية .
وطالما أن الكتب السماوية طالها التحريف والتغيير ماعدا القرآن العظيم فهو النبع الصافي للوصول إلى تعريف الإرهاب وطالما هناك من لايؤمن بهذا الكتاب فلن يقتنع بما يقوله المسلمون ولهذا بدأت كل أمة تفسر الإرهاب على هواها .  
ومن هنا نشأت ربط فكرة الإرهاب بالجماعات الإسلامية بل وأدت الى تسخير القوة لمحاربة الإسلام وأهله والحروب الصليبية أكبر شاهد على مانقول فهي حروب ضد الإسلام وأهله ولكن العلماء والمفكرون والساسة يخشون من التصريح بهذا القول من باب التفاؤل في إيجاد تفاهم بين الأديان حول الكثير من القضايا . 
ولكن من يعمل على إيجاد تفاهم بين الأديان وخصوصاً بين الإسلام والمسيحية واليهودية ولاسيما أنه كانت هناك فرصة أضاعها المسلمون عندما لم يتحركوا عند تنصيب البابا ووصف اليهود بأنهم إخوته وأخواته ولم يذكر المسلمين أو الحوار مع الإسلام وأشاد بالإرث الروحي العظيم والمشترك بين المسيحيين واليهود ، ويحاول بين الفينة والأخرى بإرسال رسائل إشادة وترحيب باليهود , كما وتعهد في معظم رسائله بتعزيز حوار الكنيسة الكاثوليكية مع اليهود .
إذاً ليس أمريكا وحدها من يدعم اليهود بل العالم المسيحي بأكمله وهنا ينبغي أن نتسائل لماذا ؟ ولقد وصف البابا بنديكت السادس عشر البشرية " "بخراف ضالة لا تجد سبيلها في الصحراء" ودعا الكنيسة إلى سلوك الطريق "لقيادة البشر خارج الصحراء"، مشيرا إلى وجود أشكال عددية من الصحاري تتمثل بالفقر والجوع والظمأ والإهمال والظلمة وفراغ النفوس.
وأدان ما وصفه بـ"جريمة" معسكرات الهولوكوست "غير المعقولة" خلال الحرب العالمية الثانية . أكد البابا أن الكنيسة الكاثوليكية ملتزمة بمحاربة معاداة السامية وأنها ستقوم بمزيد من البحث المعمق لما أسماها التداعيات التاريخية والأخلاقية للمحارق النازية التي تعرض لها اليهود خلال الحرب الكونية الثانية .
وهنا ينبغي أن نعيد الى الأذهان أنه قبل توليه منصب البابا قال الكاردينال جوزيف راتزينغر إن تركيا العلمانية التي تسكنها أغلبية مسلمة ينبغي أن تخطط لمستقبلها مع الدول الإسلامية وليس مع الاتحاد الأوروبي الذي له جذور مسيحية .
رغم أنه أعلن عن تقديره لتطور الحوار بين المسلمين والمسيحيين على المستويين المحلي والدولي.
وفي هذه المناسبة ينبغي ألا ننسى الدعوة التي وجهها شارون بدعوة بابا الفاتيكان لزيارة تل أبيب في الوقت الذي لم يصل الى أسماعنا أي دعوة من زعيم عربي لبابا الفاتيكان بزيارة لبلده لتكون دعوة مضادة لما يقوم به شارون .
إن الحوار بين الكاثوليكية واليهودية قد دخل حيز التنفيذ خلال زيارة البابا يوحنا بولس الثاني للكنيس في روما 1986م . كما أن العلاقة بين الفاتيكان واليهودية قد شهدت تطوراً كبيراً بعد هذا التاريخ وفي عهد البابا السابق يوحنا بولس الثاني.
أما العلاقات الإسلامية مع الغرب وحوارها مع بقية الأديان تزداد سوءاً بعد إعلان الحرب على الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م وزاد الإرهاب من وتيرته فمثلاً الآن في العراق عشرات التنظيمات التي خرجت وتخرج كل يوم نتيجة الحرب على دولة مسلمة كبداية يتبعها دول أخرى ومنها التهديد بضرب إيران وسوريا ويعتبر هذا نوعاً من الإستخفاف والإستهتار وهذا الذي قامت به بريطانيا وأميركا لا يمت للحضارة بصلة .
ومن هنا بدأت الخلافات تزداد أيضاً الأمر الذي أدى إلى نفور قيام تقارب جديد بين الإسلام والمسيحية أو بقية الأديان وهنا نتساءل هل كان الزرقاوي قبل اجتياح العراق موجودا ؟ هل كان أنصار السُنّة والجيش الإسلامي موجوداً ؟ هل ضُربت بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية من أي فئة عدا الجيش الجمهوري الأيرلندي قبل هذا العدوان ؟
وعودة على ذي بدء نجد أن البورصة البريطانية قد حققت أعلى مستوى للخسائر التي قدرها الخبراء ب 29 مليار دولار وشلّت الحياة في لندن وذلك نتيجة لعمل إرهابي  ولكن  هل هناك أسباب لهذا العمل الإرهابي ؟ .
بلير كان يدين الشعب الفلسطيني في كل موقف في كل عملية ويؤيد شارون ويحمي شارون ويتخذ كل القرارات لحماية شارون حتى تشكيل لجنة من الأمم المتحدة للتحقيق في مجزرة جنين رفض بلير وبوش تشكيل تلك اللجنة وكان عداءهما مستفحلا على هذه الأمة واحتلالهما  للعراق أدت الى مائتي ألف قتيل وتدمير العراق بشكل شامل، ألا يكفي أن يكون هناك ردة فعل؟ . 
لب المشكلة هو السياسات والنزعة الاستعمارية التي تمثلت في غزو العراق  وأكد عضو البرلمان البريطاني جورج غالاوي بعد أن أدان الضربات على لندن حيث قال  " هذا ما جنته حكومة بلير على الشعب البريطاني " .
 بلير لأول مرة في حياته يقول آن الأوان لأن نعالج أسباب الإرهاب وربط ربطا واضحا بين المظالم العربية في فلسطين وبين ما حدث في لندن ، كان بلير يقول للإسرائيليين أو الفلسطينيين لا تحلموا بدولة ما لم تتوقفوا عن الإرهاب، الآن انعكست الآية بلير بدأ يشعر بأن بريطانيا تجاوزت حدودها كثيرا .
طبعا هناك لا شك علاقة بين ما يحدث في العراق وفي المنطقة العربية والإسلامية ولكن كيف الرئيس بوش الإبن يقول " سننشر مبدأ المحبة مقابل مبدأ الكراهية " ؟ ومازالت الطائرات تقصف  وتقتل الآلاف من المدنيين أليس هذا إرهاب ؟ .
هناك من يقول أن العولمة على روعتها وعلى توحيدها للعالم كانت بمثابة نقمة بالنسبة للدول الاستعمارية ومنها مثلا الولايات المتحدة، العولمة في الماضي كانت الدول الاستعمارية تذهب وتستعمر بلد فما كان من الشعوب إلا أن تقاوم داخليا، الآن العولمة وفرت للجماعات أن تقاوم، ووفرت لهذه الشعوب أن تضرب البلدان الاستعمارية في عقر دارها .
يتجدّد الإحساس بالألم مع مشاهد سقوط الضحايا ، وليس للألم ديانة سواء كانت إسلامية أو مسيحية أو يهودية ، فباتت المشاهد يختلط بعضها ببعض، كما بات من المستحيل الفصل بين هذه الموجة وتلك من موجات التقتيل والإرهاب ، كما يريد كلٌّ من الطرفين المسؤولين عما يسمى الإرهاب أن يصنع ، متجاهلا الرابط بين السبب والنتيجة، والفعل ورد الفعل.
 إن ما حدث من أعمال إرهابية هي مسلسل طويل معروف هو عنف غير مشروع إسلاميا ولا دوليا، وإن ما حدث ويحدث في العراق وأفغانستان وفلسطين  وغيرها ، إرهاب غير مشروع بمختلف المقاييس والمعايير الدينية والإنسانية، وبات القاسم المشترك هو دماء الضحايا، بغض النظر عن تفاوت التفاصيل والأعداد وآلية التقتيل ومواقع المسؤولية .
كلما أسقطت عملية جديدة مزيدا من الضحايا من عامة البشر، مسلمين وغير مسلمين، في البلدان الإسلامية وغير الإسلامية، عاود المسؤولون كبارهم وصغارهم مع أتباعهم في الإعلام، تأكيد موقف ثابت لا يراد له أن يتغير، محوره "لن نخضع.. لن نذعن.. لن نتراجع أمام الإرهاب" وكأنها حرب بدأت دون أن تنتهي ، وليس في موقع المسؤولية عن قرارات يترتب عليها ما يترتب على صعيد أرواح البشر وخسائرهم في ممتلكاتهم .
وليست القضية قضية خضوع وتراجع، إنما هي قضية "إستراتيجية خاطئة " جملة وتفصيلا، بتوجيه الضربات المضادة وفي كل اتجاه لتزداد وتيرة الإرهاب والعنف وبالتالي مزيد من الدماء وكأنها كرة ثلج لاتزال تكبر حتى تجعل العالم أكثر فقراً وأقل أمناً ويزيد انتشاره بدلا من القضاء عليه.
وأصبحت الدول الديموقراطية تسن القوانين إستثنائية مستحدثة  تشبه الى حد بعيد قوانين الطواريء المزمنة في بلدان غير ديمقراطية، وما يجري هنا وهناك هو على حساب الحريات العامة، وربما يستهدف المسلمين أكثر من سواهم .
ويبدوا هنا أن الدول الديموقراطية وغير الديموقراطية قد إقتربت من بعضها البعض والذي دفعها الى ذلك حجة الحرب على الإرهاب وهنا ندعوا كل من يحرص على الأمن والسلام من عقلاء الديانات الثلاث أن لايدفعوا من يقوم بهذا العمل الى مزيد من التطرف والعنف حتى لايصبح الطرفين يعلم من يضرب من ولمصلحة من وهذا مانسميه " الإستراتيجية الخاطئة في الحرب على الإرهاب " .
إن هذه الإستراتيجية الخاطئة قد تؤدي في النهاية الى حرب بين الأديان ويعود العالم الى شريعة الغاب القوي يقتل فيها الضعيف فتنتهك المبادئ والقوانين الدولية والإنسانية ويزرع الرغبة في الثأر والانتقام، وتبدأ حملات التطهير العرقي أو الديني فتكون حرباً عالمية على الإسلام أو على المسيحية أو على اليهودية التي أصبحت تغذيها الحملات الإعلامية ولانستطيع استخدام تعبير "الإرهاب" دون التنويه بما بات معروفا أنه لا يوجد تعريف دولي لكلمة الإرهاب، .
إن من يسوغون العنف غير المشروع ومن يزعمون أنهم يحاربون ذاك العنف يتلاقون في أفكارهم بالإفتراء على الأديان ومنذ أن بدأت الحرب على الإرهاب ونحن نرى كل يوم قتلى وجرحى ودمار للممتلكات العامة والخاصة ومن المعروف أن الهدم أسرع من البناء وأن الدمار أسرع وأشمل من الإعمار فقنبلة ذرية واحدة حصدت مئات الآلآف من البشر وحرب عالمية حصدت الملايين من البشر والإعتداءت الإرهابية كلفت الدول مليارات في لحظات فالممتلكات العامة التي تبنى في أعوام تحصدها الأيدي الآثمة في دقائق معدودات ولهذا إخترنا العنوان أعلاه " الارهاب سيجعل العالم أكثر فقراً وأقل أمناً .  

مصطفى بن محمد غريب
الينوي  – شيكاغو


No comments:

Post a Comment